تقصده لجلب نفعهم ودفع البلاء، ويقدمون له جانباً من الدراهم والدنانير. ليساعدهم فيقبلها على طريق الهدية من غير تأخير، ويساعد الإنسان مساعدة موصلة إلى مطلوبه وافية بمرامه ومرغوبه، وكان له مخالطة كثيرة مع الأهالي، مع عدم الترفع عما لا يليق بمقامه العالي، من حضوره محلات الاجتماع، للنزهة والسماع، فكان الناس يعيب عليه ذلك لشرفه وسيادته وهو لا يلتفت إلى تأنيب ولا إلى ملام تقديماً لجانب سروره على جلالته. ولما توفي أخوه محمود أفندي مفتي الشام، تحزب له الأعيان والوجوه في وضعه مكانه للإفتاء العام. ولم يقدر الله ذلك له بل كان لمحمد أفندي المنيني العالم الهمام، وحصل بينهما منافرة، ومقاطعة ومدابرة، بعد الاتصال التام ودامت المنافرة باطناً بينهما إلى أن مرض المترجم مدة جزئية وتوفي في شهر ذي القعدة الحرام سنة ألف وثلاثمائة وسبع ودفن في مرج الدحداح رحمه الله.
الشيخ أسعد بن عبد الرحيم بن أسعد بن إسحاق بن محمد بن علي الشافعي الدمشقي الشهير بالمنير
العالم الأوحد، والكامل المفرد، والهمام الفاضل، والإمام ذو الفضائل، ولد بدمشق سنة ست وسبعين ومائة وألف في ربيع الأول وكان أوحد أهل عصره، ومطمح نظر أهل مصره، في الفنون العقلية، والعلوم النقلية، مع مهابة وزهادة، وتقوى وعبادة، وتمسك بالسنة النبوية، والملة المحمدية، مات في الثاني عشر من رجب سنة ثلاث وأربعين ومائتين وألف ودفن في مقبرة باب الصغير رحمه الله تعالى.