فأقبل الناس عليه من كل ناحية وترددوا لزيارته من كل جهة، وأتوا إليه بالهدايا والنذور وجروا على عوائدهم في التقليد، وازدحم عليه الخلائق وخصوصاً النساء، فراج بذلك أمر أخيه واتسعت دنياه، ونصبه شبكة لصيده، ومنعه من حلق لحيته فنبتت وعظمت، وسمن بدن وعظم جسمه من كثرة الأكل والراحة، وقد كان قبل ذلك عرياناً شقياناً تعباناً، غالب لياليه بالجوع طاوياً من غير أكل، بالأزقة في الصيف والشتاء، وقيد به من يخدمه ويراعيه في منامه ويقظته، وقضاء حاجته، ولا يزال يحدث نفسه ويخلط ألفاظه وكلامه، وتارة يضحك وتارة يشتم، ولا بد من مصادفة بعض الألفاظ لما في نفس بعض الزائرين وذوي الحاجات، فيعدون ذلك كشفاً واطلاعاً على ما في نفوسهم، ولا يبعد أن يكون كذلك لأنه كان من المجاذيب المستغرقين.
وسبب نسبتهم إلى البكري أنهم كانوا يسكنون بسويقة البكري لا أنهم من البكريةن ولم يزل هذا حاله حتى توفي سنة سبع ومائتين وألف، واجتمع الناس لجنازته من كل جهة، ودفنوه بمسجد الشرايبي بالقرب من جامع الرويعي، وعملوا على قبره مقصورة ومقاماً يقصد للزيارة نفعنا الله بعباده الصالحين.
[الشي علي بن محمد الأشيولي الشافعي المصري]
العالم الهمام والفاضل عمدة العلماء الأعلام، حفظ القرآن والمتون واشتغل بالعلم، وحضر الدروس وتفقه على أشياخ الوقت، ولازم الشيخ عيسى البراوي، ومهر في المعقول وأنجب وتصدر ودرس، وانتظم في