فمن بعده يجلو دجنة شبهة ... ويكشف عن ستر الدقائق مقنعا
وإن ذو اجتهاد قد تعثر فهمه ... فيا ليت شعري من يقول له لعا
يقرر في فن البيان بمنطق ... بديع معانيه يتوج مسمعا
وسار مسير الشمس غر علومه ... ففي كل أفق أشرقت فيه مطلعا
وأبقى بتأليفاته بيننا هدى ... بها يسلك الطلاب للحق مهيعا
وحل بتحريراته كل مشكل ... فلم يبق للإشكال في ذاك مطمعا
فأي كتاب لم يفك ختامه ... إذا ما سواه من تعاصيه ضيعا
ومن يبتغي تعداد حسن خصاله ... فليس ملوماً إن أطال وأشبعا
فللصدق عون للمقال فمن يقل ... أصاب مكان القول فيه موسعا
تواضع للطلاب فانتفعوا به ... على أنه بالحلم زاد ترفعا
وكان حليماً واسع الصدر ماجدا ... تقياً نقياً زاهداً متورعا
سعى في اكتساب الحمد طول حياته ... ولم نره في غير ذلك قد سعى
ولم تلهه الدنيا بزخرف صورة ... عن العلم كيما أن تغر وتخدعا
لقد صرف الأوقات في العلم والتقى ... فما أن لها يا صاح أمسى مضيعا
فقدناه لكن نفعه الدهر دائم ... وما مات من أبقى علوماً لمن وعى
فجوزي بالحسنى وتوج بالرضا ... وقوبل بالإكرام ممن له دعا
[الشيخ محمد المهدي الحفني الأزهري]
الأستاذ الفاضل الفريد والملاذ الكامل المجيد، الإمام العلامة والهمام الفهامة، والجهبذ الفقيه والسميدع النبيه، علامة عصره وفريد مصره، كان والده من الأقباط فأسلم قبل بلوغه على يد الشيخ الحفني، فحلت عليه أنظاره وأشرقت عليه أنواره، فحضنه الشيخ ورباه وزاد في وداده، وأنزله بمنزله مع خاصته وأولاده، ولما ترعرع اشتغل بطلب العلم وكان جيد الهمة حسن الفهم، فلازم دروس الشيخ وأخيه الشيخ وغيرهما من السادة الأعلام،