هذه الليلة رأيت القطب عبد القادر الجيلاني فسلم علي ورحب بي، ثم قال استقبل ضيوفي فإنهم في الصباح يردون عليك من صبحه، فأنا خارج لاستقبالهم وانصرف ثم عند الزوال جاء الوابور ومعه جماعة من الهنديين القادرين فجاء بهم جميعاً إلى داره، وقال لي قد وصل بحمد الله ضيوف الأستاذ وكان يقوم بخدمتهم بنفسه ما وكلهم إلى أحد من خدمه، وكان يقدم لكل واحد منهم ما يشتهيه من طعام وشراب ودواء على حسب حاجتهم، وهذا أمر نادر لا يقدر عليه في الناس إلا السادة الأكابر، ومع ذلك هو مقصود للسؤال والجواب، وإقراء الطلاب، ولم يزل مقامه يعلو واحترامه يسمو، إلى أن دعاه داعي المنية، وذلك سنة ألف ومائتين ونيف وتسعين.
الشريف السيد الأستاذ أبو الهدى بن السيد حسن وادي بن السيد خزام ابن السيد علي الخزام بن السيد حسين برهان الدين الرفاعي الخالدي الصيادي
قطب مدار الفضائل، ومجمع أسنى الشمائل، مصباح ذوي العرفان، ومفتاح غيب كعبة الوجدان، الحسيب الذي علا حسبه ذروة العلا، والنسيب الذي اشتهر نسبه بين الملا، من سراة لهم السر الأعلى، وحماة لهم القدر الأجلى، وأفاضل استوى فضلهم على عرش الكمال، وأماثل قد طار ذكرهم في الآفاق وجال كل مجال، وطاول شرفهم الحمل والميزان، وحاول الترقي إلى ذروة اليمن والإيمان، وهو ممن تأثل مجده في بحبوحة ذلك الشرف، وتبوأ من السيادة أسنى الغرف، مرتوية أفياؤه بماء النبوة، متأرجة أرجاؤه بعبير الفتوة، مع مهارة في العلوم، ومحاضرة فاض فيضها من فضل سيبه الموسوم، وأخلاق تألق جمالها الوضاح، وأوصاف تأنق عبير روضها الفواح، وأدب تردى بالبراعة وتوشح، وشعر ترنح للقبول وترشح، وحسن تلاعب بأطراف الكلام، وتناسب فيما تنشره ألسنة الأقلام، وجمال ألبسه الكمال إهابه، وجلال لو رآه الغضنفر الكاسر في غابه هابه.