ثمان وتسعين مبلغاً، وللشيخ المترجم قدراً معيناً له صورة، وكان لمولاي محمد ولد تخلف بعد الحج وأقام بمصر مدة، حتى نفد ما عنده من النفقة، فلما وصلت تلك الصلة أراد أخذها ممن هي في يده، فامتنع عليه وشاع خبر ذلك في الناس وأرباب الصلات، وذهبوا إلى الشيخ بحصته فسأل عن قضية ابن السلطان فأخبروه عنها وعن قصده وأنه لم يتمكن من ذلك، فقال والله هذا لا يجوز وكيف أننا نتفكه في مال الرجل ونحن أجانب، وولده يتلظى من العدم؟ هو أولى مني وأحق، أعطوه قسمي فأعطاه ذلك، ولما رجع رسول أبيه أخبر السلطان والده بما فعل الشيخ الدردير فشكره على فعله وأثنى عليه واعتقد صلاحه، وأرسل له في ثاني عام عشرة أمثال الصلة المتقدمة مجازاة للحسنة، فقبلها الأستاذ وحج منها، ولما رجع من الحج بنى هذه الزاوية بما بقي ودفن بها رحمه الله ولم يخلف بعده مثله.
[الشيخ أحمد بن أحمد بن محمد السحيمي الحفني القلعاوي المصري]
الإمام العلامة، والفاضل الفهامة، صفوة النبلاء، ونتيجة الفضلاء، وكعبة الفقهاء، ونخبة الكرماء، من طلعت محاسنه طلوع النجوم الزواهر، وسعدت الأيام والليالي بآداب علومه المعجبة البواهر، فهو الوحيد في إلقاء رغائبه، والفريد بكثرة عجائبه وغرائبه، تستوعب محفوظاته المقروء والمسموع، وتجمع معلوماته ما هو في الحقيقة منتهى الجموع، لقد برع في جميع العلوم خصوصاً في التوحيد، فكان له فيه اليد الطولى والفهم السديد، وهو من رجال عجائب الآثار، في التراجم والأخبار، فترجمه بقوله، منبهاً على بعض فضله: تفقه على والده وعلى الشيخ أحمد الحماقي وحضر على الشيخ مصطفى الطائي الهداية وأنجب، ودرس في فقه المذهب، وحضر عليه أيضاً المعقول وعلى غيره إلى أن صار عمدة في الفروع والأصول، وسما قدره، ونما ذكره، كل ذلك مع الحشمة والديانة، ومكارم الأخلاق والصيانة، توفي سادس عشر شوال سنة ألف ومائتين وسنة، ودفن عند والده بباب الوزير.