عما سواه، جميل المقال جليل الخلال، لم يزل على حاله، متخلياً من الدهر عن أوحاله، إلى أن خطبته دواعي المنية، إلى دار الآخرة العلية، وذلك لثلاث بقين من شهر جمادى الآخرة سنة خمس وثمانين ومائتين وألف، دفن في مقبرة باب الصغير، قرب قبر المرحوم العلامة الشيخ محمد الكزبري رحمه الله تعالى.
السيد صالح أفندي بن السيد عبد القادر أفندي بن السيد أحمد بن السيد حسن بن السيد مصطفى بن السيد عبد الرحمن بن السيد إسماعيل بن السيد محب الدين الحصني الحسيني
المعروف بابن تقي الدين، فهو الحسيب الذي لا ريب أنه من أشرف العناصر محسوب، والنسيب الذي هو إلى أعظم الأكابر منسوب، من سلسلة تسلسلت إلى أشرف إنسان، وارتقت إلى مكان قيل فيه ليس في الإمكان أبدع مما كان. قد ارتفع شرفه على كاهل الفخار، واستوى سؤدد مجده على ذروة المدار، فلله دره من أديب طاف حول كعبة لطفه ذوو الأدب، وأريب سعى بين مروة سنائه وصفا صفائه ذوو الأرب، قد أينع زهر كماله في حدائق الفضائل، وأشرق بدر جماله فاهتدى به أولو الوسائل.
ولد في دمشق الشام، دار آبائه وأجداده السادة الكرام، وذلك سنة ثلاث وخمسين ومائتين وألف، ونشأ في حجر والده المعروف بكل كمال ولطف، ثم بعد أن قرأ القرآن العظيم وجوده، صرف همته إلى الخط فنال منه أحسنه وأجوده، ثم حضر دروس العلماء، ولازم مجالس الفضلاء، فأتقن العلوم العربية، واجتهد في تحصيل العلوم الشرعية، إلى أن بلغ مناه،