والقليل، إلى أن انفقد المشتري ولو بأبخس الثمان، وذل في ذلك الوقت كل عزيز وهان، ولم يزل ذلك الظلم يتفاقم ويزكو ويتعاظم، والناس يتمنون المنية، في كل بكرة وعشية، إلى آخر شوال سنة خمس عشرة ومائتين وألف برز الأمر من مولانا السلطان سليم بالتجهيز إلى مصر براً وبحراً، فعساكر البر بمعية يوسف باشا وعساكر البحر بمعية الإنكليز، وفي أوائل ذي القعدة وردت مراكب الإنكليز إلى ثغر الإسكندرية، وجاءت الأخبار إلى الفرنساويين بأن يوسف باشا وعساكره وصلوا إلى العريش، ثم وقع الحرب بين الإنكليز والفرنساوي براً في الإسكندرية، وكانت الهزيمة على الفرنساويين، وقتل منهم كثير، ثم وقع قتال آخر بينهما فقتل من الفرنسيس خمسة عشر الفاً. وفي هذه السنة وقع في مصر طاعون مات فيه خلق كثير، وفي خامس المحرم عام ستة عشر ومائتين وألف تحصن الفرنساويون وأكثروا من نقل الماء والدقيق والأقوات إلى القلعة بمصر، وكذلك البارود والكبريت والقلل والقنابر وغير ذلك، ووضعوا المتاريس خارج البلد وحفروا الخنادق، وشاعت الأخبار بأن العثمانيين والإنكليز تقدموا وتملكوا رشيد ودمياط.
وفي ثالث صفر وقع الحرب بين العثمانيين والفرنساويين وكان النصر للعثمانيين، ثم انعقد الصلح على خروج الفرنسيس من مصر، وتسليمها للدولة العثمانية، فخرجوا في أواخر صفر، ودخل الوزير يوسف باشا مصر في التاسع والعشرين من شهر صفر بموكب حافل، وكانت مدة تملك الفرنساويين مصر ثلاث سنين وشهراً. وهذا مجمل ذلك ولو فصلناه لطال المسير على السالك.
[الشيخ أبو بكر بن عمر بن عبد الواحد الحلبي الشافعي الفقيه المقرىء]
أحد القراء والمشايخ بحلب ولد بها سنة أربع وخمسين ومائة وألف، وقرأ القرآن العظيم وحفظه على حيدر بن محمد المقري، وأخذ القراءات عن