فتخشى أن تمتد من هناك إلى الهند الذي هو روح الانكليز، لا سيما إذا عاضدته إحدى الدول الأروباوية مثل فرنسا، فلذلك حاربته مع الدولة العثمانية التي هي إذ ذاك على ضعف شديد من حرب الروسيا والثورات الداخلية واستقلال اليونان وغير ذلك، فقهروا محمد علي، ولكن لإتمام مقصد انكلاتيرة لم تسمح للدولة بالاستيلاء التام على مصر لمراعاة المقاصد المشار إليها أيضاً، فكان الأوفق لها إبقاء مصر على شبه إستقلال ليضعف كل من الجهتين، وبقي محمد علي والياً على مصر على أن تكون الولاية في ذريته من أكبر إلى أكبر، ويؤدي خراجاً سنوياً للدولة، ويعينها عند وقوع حرب معها بالعساكر الذين يبلغ عددهم الأربعين ألفاً، وكذلك يعينها بالسفن، وإن الرتب العالية في مصر يعين هو أصحابها، وتوليهم الدولة، والسكة والخطبة تكون باسم السلطان العثماني أيضاً، وأخرج الحجاز عنه إلى الدولة، وكذلك الشآم، وبقي على ذلك إلى أن ضعف بالسن، فتنازل عن الولاية لابنه الأكبر وهو رئيس جيوشه وحروبه إبراهيم باشا سنة ١٢٦٥، وكان على قدم أبيه، وتوفي المذكور في تلك السنة.
[الشيخ محمد سعيد بن حمزة بن طالب]
بن عبد الله بن الشيخ الإمام الفاضل الهمام فريد السادة الأعلام شمس الدين محمد الشهير بابن المنقار الحنفي الدمشقي الميداني عالم ذو صلاح وبركة وفلاح، من أصول علماء وأسلاف فضلاء، قد اشتغل من أول عمره في العلم والطاعة حسب القدرة والاستطاعة ولوائح البركة تظهر عليه وتشير كمال الإشارة إليه، وله تأليفات كثيرة، وتقريرات هي بمعرفة بركته جديرة. ولد في ثمانية عشرة خلت من شهر ذي الحجة الحرام سنة ثلاثين ومائتين وألف، ومات تاسع وعشرين شوال سنة ألف وثلاثمائة وأربعة ودفن بتربة باب الصغير رحمه الله.