ذكرهم وإن غابوا عن العيان، فلا ريب أن شمائله في جبهة الليالي غرة، وفضائله في جيد الأيام درة، مع ما له من حسن الخط وجودة الإنشاء، وجميل السيرة بين الأفاضل والعلماء، أخذ عن الشهابين الملوي والجوهري، وعن الشمس الحفني، والشيخ حسن المدابغي، ومحمد بن النعمان الطائي، وحضر على السيد مرتضى صحيح الإمام البخاري بطرفيه وصحيح الإمام مسلم بطرفيه وسنن أبي داود إلى نحو ثلثيه، وغالب الشمائل للترمذذي، وثلاثيات البخاري، وثلاثيات الدارمي، والحلية لأبي نعيم من أوله إلى مناقب العشرة، وأجزاء كثيرة بحدودها في ضمن إجازته بأسانيدها. قال الشيخ الجبرتي: كان نعم الرجل صحبة وديانة وحفظاً للنوادر من الأشعار والحكايات، فمن ذلك ما سمعته من لفظه، قال أنشدني رجل من المغاربة بمكة وقد نسيت اسمه، للتقي السبكي يمدح الإمام الغزالي وكتابه الإحياء:
لمحمد بن محمد بن محمد ... فضل على العلماء بالتمكين
أحيا علوم الدين بعد مماتها ... بكتابه إحيا علوم الدين
وأنشدني أيضاً للإمام الغزالي يمدح الإمام الشافعي رضي الله عنهما:
إن المذاهب خيرها وأجلها ... ما قاله الحبر الإمام الشافعي
فاخترت مذهبه وقلت بقوله ... ورجوته يوم القيامة شافعي
وأصيب المترجم في آخر عمره بكريمتيه عوضه الله عنهما الجنة ونعيمها. توفي سابع وعشرين من جمادى الأولى سنة سبع ومائتين وألف.
[الشيخ أحمد بن محمد بن جاد الله بن محمد الختاني المالكي البرهاني]
الإمام العلامة، والوجيه الفهامة، يعرف بأبي شوشة، قال العلامة الجبرتي: وله مقام يزار بأم ختان بالجيزة، نشأ في طلب العلم، وحضر