ولده العلامة المحقق عبد الرحمن في الجبال وأتى خبر قتله إليه وهو يدرس العلم، قال حسبنا الله تعالى ونعم الوكيل، ولم يترك الدرس، ولما مات الحبر العلامة السيد أسعد صدر الدين الحيدري كان المترجم نازلاً في بيتهم ضيفاً، فقال أنا أغسل السيد المرقوم فقام وغسله على ملأ من الناس، وكان السيد عبيد الله الحيدري يصب له الماء، وصلى عليه مع خلائق لا يعلم عددهم إلا الله تعالى، وكان ذلك في أوائل سنة ألف ومائتين وثلاث وأربعين. ثم لما توفي الشيخ المترجم قدس الله سره في بغداد تعاطى غسله العالم الصالح الورع والتقي الملا حسين بن ملا جاحي والسيد محمد أمين ابن السيد عبد الله الحيدري وأخوه السيد صالح الحيدري وعدد كثير من العلماء الأعلام، يصبون الماء على جسده الشريف مناوبة، وصلى عليه العلامة الفهامة النحرير الشيخ عبد الرحمن الروزبهاني طاب ثراه، ولم يبق أحد بحسب الظاهر من أهل بغداد إلا ومشى خلف جنازته، وكأن القيامة في يوم موته قد قامت، ودفن في جوار الغوث الأعظم والقطب الأفخم سيدي عبد القادر الجيلاني قدس سره، وكان عمره يوم وفاته نحواً من مائة سنة، ومات في حدود سنة ألف ومائتين وخمس وأربعين.
[الشيخ يحيى أفندي مفتي أنطاكية بن المرحوم....]
عالم زمانه وإمام أهل وقته وأوانه، عمدة الأماثل ونخبة الأفاضل، ولد سنة ألف ومائتين وثلاثين تقريباً، ثم منذ نشأ وشب أقبل على العبادة والطلب، فبرع وفاق واشتهر في الآفاق وتفنن في العلوم وبرع في فني المنطوق والمفهوم، وأقبل الناس عليه للاستفادة منه والنظر إليه، وأخذ عن مشايخ ذوي رتب سامية أسانيدهم في الأخذ عالية، ولما رأوا منه المعرفة التامة أجازوه بالإجازة العامة، ثم ولي منصب الإفتاء بأنطاكية، وله بإقليمها شهرة عالية، وله معرفة بالسياسة قوية، ومهارة بالألسنة الثلاث