ثالث ربيع الأول سنة ثمان وثلاثمائة وألف من هجرة النبي الأمين وقد ناهز من العمر نيفاً وستين، ودفن بجبانة الدحداح شمالي دمشق ختم الله لنا وله بخاتمة أهل السنة، وحشره في زمرة سيد المرسلين واسكنه الفردوس في الجنة.
[أحمد باشا الجزار البشناقي والي عكا]
ولد في بوسنة سنة خمس وثلاثين ومائة وألف، ولما بلغ من العمر ست عشرة سنة، خان أخاه بامرأته، فما أقبحه وما ألعنه، وذلك لما كان مطبوعاً عليه من فساد الطبيعة، ومخالفة الملة والشريعة، فاضطره الأمر إلى الهرب من بلاده إلى القسطنطينية، فقضى بها مدة بالذل والشقاء والفاقة القوية، فأوجبت عليه ضرورة الهوان والتنكيد، إلى أن باع نفسه لأحد تجار العبيد، فآل به الأمر إلى أن بيع بمصر، فدخل في سلك المماليك المصرية، وجعل الزمان يساعده على المرام والأمنية، فارتقى من منصب إلى أعلى، حتى صار والي البحرية في مصر السفلى، وتولى قيادة جيش محاربة العرب الخارجين على الدولة، فظفر بهم وغدر برؤسائهم وصال عليهم أي صولة، ومن ثم لقب بالجزار، عليه ما يستحقه من المنتقم الجبار، وكان قاتله الله مجبولاً على الفظاظة، والقسوة والغلاظة، قليل الرحمة عديم الإسلام، مطبوعاً