الناسك العابد والصالح الزاهد، والعالم العامل والفاضل الكامل. ورد إلى مصر وحج ورجع، فهرعت الناس إلى زيارته والتبرك به، وكان قليل الاختلاط بالناس كثير المذاكرة العلمية محفوظ المجلس مما لا يعني، متمسكاً بالسنة والعمل بها، متواضعاً متذللاً لين الجانب حسن المعاشرة جميل المجاوبة. ولم يزل عالي الهمة وافر المروءة ملازماً للطاعة والتقوى، والأعمال الجميلة العالية، إلى أن تعلل وتمرض ولازمه المرض سنين، وتوفي يوم الثلاثاء ثامن عشرين المحرم وصلي عليه في الجامع الأزهر في مشهد عظيم، ودفن بجانب الخطيب الشربيني بتربة المجاورين وهي القرافة الكبرى رحمه الله تعالى وذلك في سنة ثمان وعشرين ومائتين وألف من هجرة من له الفضل والشرف.
[الشيخ محمد الأسناوي الشهير بجاد المولى الأزهري]
العالم المجيد والكامل المفيد، جاور بالأزهر وحضر دروس الشيوخ الأفاضل، ولازم الشيخ عبد الله الشرقاوي، فحضر دروسه ومجالس أذكاره، وتلقى عنه الطريقة الخلوتية، وألبسه التاج وتقدم في خطابة الجمعة والأعياد في الجامع الأزهر، بدلاً عن الشيخ عبد الرحمن البكري، عندما رفعوها عنه، وخطب بجامع عمرو بمصر العتيقة يوم الاستسقاء عند ما قصرت زيادة النيل سنة ثلاث وعشرين وتأخر في الزيادة عن أوانه، ولما حضر محمد باشا خسرو والي مصر وصلى صلاة الجمعة في الأزهر في سنة سبع عشرة، خلع عليه بعد الصلاة فروة سمور، فكان في كل جمعة يلبسها للخطبة فقط وفي الأعياد، وكان ملازماً على إقراء الدروس للطلبة، واشتهر ذكره ونما أمره في أقل زمن، وكان فصيحاً في التقرير والإلقاء لتفهيم الطلبة، ولم يزل على حالة حميدة في حسن السلوك والطريقة، إلى أن توفي في شهر ذي الحجة سنة تسع وعشرين ومائتين وألف وقد ناهز الأربعين رحمه الله تعالى.