ولقد كان والله عديم النظير، وفقيد المثيل في أقرانه وأمثاله، بارعاً متقناً في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، بل كان تاجاً على رأس الزمن، وكاسمه أحمد وحسن، لم يلتفت إلى كتب الفروع والرأي وأهلها قط، ولم يعمل في خاصة نفسه إلا بالدليل من الكتاب والسنة، وكان له همة سامية في ذلك، وحمية نامية فيما هنالك، رحمه الله رحمة واسعة.
أقول إن الاجتهاد ليس له زمن ينقضي بانقضائه بل الزمن كله زمن له على خلاف في ذلك، وإن هذه المسألة محلها كتب الأصول والفروع فلا حاجة لذكرها هنا، غير أن الاجتهاد له شروط لا يجوز بدونها فمن وصل إليها اجتهد، والله يعلم الصادق وغيره والله أعلم.
شيخ الإسلام أحمد عارف حكمت بك بن السيد إبراهيم عصمت بك بن إسماعيل رائف باشا الحسيني الحنفي.
بدر أشرقت به سماء عروج العلماء، وأضاءت به أفلاك بروج الفضلاء، رضع ثدي المعالي منذ كان طفلاً، وبرع في تحصيل الأمالي فكان في المكان الأرقى الأعلى، واشتهر بين أهل الفضل بأنه آية الإعجاز، وبهر في جمع العلوم فكان المشار إليه ببنان الحقيقة والمجاز، فهو الفرد الذي لا يبارى، ولا يلحق في ميدان التقدم ولا يجارى.
ولد في ليلة الأحد الخامس والعشرين من شهر محرم الحرام عام ألف ومائتين وواحد، وكانت يد الإسعاد تحوطه من كل ماكر وحاسد، وغب تمييزه قرأ القرآن واشتغل في الطلب على العلماء ذوي الإتقان، وفي سنة ألف ومائتين وإحدى عشرة دخل التدريس، وفي غرة رمضان سنة ألف ومائتين وإحدى وثلاثين دخل في سلك موالي قضاء القدس، وفي سنة ألف ومائتين وست وثلاثين أحرز مولوية مصر القاهرة، وفي ألف ومائتين وتسع وثلاثين نال مولوية طيبة الطاهرة، وفي اثنتين وأربعين حاز باية