الميت، وفيهم من وجد له مال عظيم، ولا يجد لنفسه معارضاً في ذلك. واتفق أن الشيخ الحنفي نقم عليه في شيء فأرسل إليه من أحضره موثوقاً مكشوف الرأس مضروباً بالنعال على دماغه وقفاه من بيته إلى بيت الشيخ، ولما انقضت تلك السنون وأهلها صار المترجم من أعيان الصدور المشار إليهم في المجالس تخشى سطوته، وتسمع كلمته، ويقال قال الشيخ كذا، وأمر الشيخ بكذا، وصار يلبس الملابس الفاخرة والفراوي ويركب البغال وأتباعه محدقون به من كل جانب، وتزوج الكثير من النساء الجميلات الغنيات، واشترى السراري البيض والحبش السود، وكان يقرض الأكابر المقادير الكثيرة من الأموال ليكون له عليهم الفضل والمنة.
ولم يزل حتى حمله التفاخر في أيام الفرنسيس على المداخلة في الفتنة والرئاسة مع من ترأس، وقتل فيمن قتل في القلعة ولم يعلم له قبر، وكان ذلك في سنة أربع عشرة ومائتين وألف رحمه الله تعالى.
الشيخ سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي الشافعي الأزهري المنتهي نسبه إلى الشيخ جمعة الزيدي المدفون ببجيرم نسبة إلى زيده بالقرب من منية ابن خصيم، وينتهي نسب الشيخ جمعة المذكور إلى سيدي محمد بن حنفية
هو العالم الفقيه، والمحدث النبيه، خاتمة المحققين، وعمدة المدققين، بقية السلف، ونخبة الخلف، وكعبة العلماء، ومرجع الفقهاء، من طار في الآفاق ذكره، ورقي على أوج الرفعة قدره، وتحلى بالفضائل، وتقدم على الأفاضل.
ولد ببجيرم قرية من الغربية سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف، وحضر إلى مصر صغيراً دون البلوغ، ورباه قريبه الشيخ موسى البجيرمي، فحفظ القرآن ولازم الشيخ المذكور حتى تأهل لطلب العلوم، وحضر على الشيخ العشماوي في الصحيحين وأبي داوود والترمذي