[الشيخ أحمد أفندي بن المرحوم الشيخ عقيل أفندي الزويتيني]
مفتي حلب الشهباء وعالمها، وحامل لواء الشريعة بها وخادمها، قد صرف نقد عمره من صغره في العلم والعمل، وعكف على ما يرفع شريف قدره إلى أوج برج الحمل، ولم يزل يرضع لبان المعارف، ويتحلى بحلية العوارف، لدى كل عالم وعارف، إلى أن أضحى ببراعته برد البلاغة موشى، وبفصاحته ثوب النباغة مطرزاً ومغشى، فلا ريب أنه جنة ثمرات الفنون، ولا عيب فيه سوى أنه عن نسبة العيب إليه مصون، فيا له من جهبذ قد لبس سوار الفضائل في معصم الكمال، واقتبس من مشكاة الدلائل نور الوقوف على أصح الأقوال وأرجح الأفعال. ولد تقريباً من سنة ألف ومائتين وأربعين، ومن حين تمييزه جلس من حدائق الطلب على مهاد التمكن والتمكين، ولم يزل يفيد ويستفيد، ويزيد في الاجتهاد لكي يزداد مما يريد، إلى أن خطبه الإفتاء الشريف لهامته تاجاً، ولترقيه إلى سماء الفضائل معراجا، ولم ينقل عنه ميل عن جادة الصواب، ولا فعل يوجب له نسبة شك في كماله أو ارتياب، بل حالته الخوف من الله والتقوى، والاستقامة في السر والنجوى، إلى أن فارق دنياه، وأجاب دعوة من إليه دعاه، ليلة السبت من أواخر شعبان المكرم سنة ألف وثلاثمائة وست عشرة واحتفل بتشييعه الكبير والصغير، والغني والفقير، ودفنوه في مقبرة الصالحين أسكن الله روحه في عليين.
[الشيخ أحمد أفندي بن الشيخ عبد الكريم أفندي الترمنيني الحلبي]
عالم حلب وإمامها، وقدوتها في كل فضيلة وهمامها، بدر الهداية لكل رشاد وصلاح، وفجر العناية الموصلة لكل رفعة وفلاح، صاحب المكارم التي أشرق بدرها في سماء الإسعاد، والعزائم التي أبرق نورها فأرشد إلى نوال كل مراد، فلا ريب أنه البحر الذي لم يعرف الواردون ساحله،