ثم إنه بعد مدة رجع المترجم إلى الشام، وفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين وألف توجه إلى الحجاز، فتوفي في الذهاب حين وصوله إلى المدائن في السنة المذكورة، ودفن عند القلعة وقبره ظاهر مشهور، وقد كتب على قبره ما نظمه له أمين أفندي الجندي مفتي دمشق الشام:
حل في ذا الضريح عبد تقي ... وحسيب من آل بيت محمد
عاش دهراً ومات قاصد حج ... فعلى الله أجره قد تأكد
هاتف الغيب قال بالبشر أرخ ... قدست روح ساكن الرمس أحمد
وكتب على الوجه الآخر من بلاطه القبر ما نظمه عبد المجيد أفندي الخاني:
أيا ركب الحجاز إذا نزلتم ... على ماء المدائن للورود
قفوا عند الطلول بنا قليلاً ... نحيي أهل هاتيك العهود
هنالك أحمد الشهم الحسيبي ... سليل المصطفى فخر الوجود
أهل ملبياً بالحج لكن ... أتته دعوة الرب الودود
فقال له البشير اليوم أرخ ... لعمرك قد كتبت مع الوفود
أحمد أفندي بن سليمان بن يوسف بن محمد بن شمس الدين محمد ابن يحيى بن أحمد الدمشقي الحنفي المشهور كأسلافه بالمالكي
المغربي الأصل، الدمشقي المولد صدر الشام، وعين أعيانها الفخام، ولد بدمشق سنة عشر ومائتين وألف، ونشأ في حجر والده، واشتغل في طلب العلم مدة ثم دخل في جملة الكتاب في محكمة الباب، ثم ولي بعض النيابات في بقية المحاكم الدمشقية، ثم ترقى وتولى نظارة أوقاف الشام، ونظارة النفوس وغير ذلك، ثم عين عضواً في مجلس شورى الشام الكبير، وتصدر به على غيره. وكان له عند الولاة القبول الزائد، ومهر في أمور المجلس وبرع، وكلما مرت عليه الأيام، يزداد في القدر والاحترام، وكثر ماله وازدادت أملاكه، ثم سنة حضور الوزير إبراهيم باشا المصري إلى