والمشهد الحسيني في الفقه والحديث والتفسير، وكثرت عليه الطلبة، وضَبَطْتُ من إملائه وتقريراته كثيراً. وقرأ المواهب والشمائل وصحيح البخاري وتفسير الجلالين بالمشهد الحسيني بين المغرب والعشاء، وحضره أكابر الطلبة، ولم يتزوج. وفي آخر أمره تقشف في ملبسه ولبس كساء صوف وعمامة صوف وطيلساناً كذلك، واشتهر بالزهد والصلاح، ويتردد كثيراً لزيارة المشايخ والأولياء. ولم يزل على حاله، حتى توفي حادي عشر ذي القعدة سنة أربع ومائتين وألف.
[الشيخ سليمان الجوسقي شيخ طائفة العميان بزاويتهم المعروفة بالشنواني]
العمدة الشهير، والنخبة النحرير، تولى شيخاً على العميان بعد وفاة الشيخ الشبراوي، وسار فيهم بشهامة وصرامة وجبروت، وجمع بجاههم أموالاً عظيمة وعقارات، فكان يشتري غلال المستحقين المعطلة، ويخرج كشوفاتها وتحاويلها على الملتزمين، ويطالبهم بها كيلاً وعيناً، ومن عصى عليه أرسل إليه الجيوش الكثيرة من العميان، فلا يجد بداً من الدفع وإن كانت غلاله معطلة، صالحه بما أحب من الثمن. وله أعوان يرسلهم إلى الملتزمين بالجهة القبلية يأتون إليه بالسفن المشحونة بالغلال والمعاوضات من السمن والعسل والسكر والزيت وغير ذلك، ويبيعها في سني الغلا بأقصى القيمة، ويطحن منها على طواحينه دقيقاً ويبيع خلاصته، ويعجن نخالته خبز الفقراء العميان، يتقوتون به مع ما يجمعونه من السؤال في طوافهم آناء الليل وأطراف النهار بالأسواق والأزقة، وتغنيهم بالمدائح والخرافات، وقراءة القرآن بالبيوت ومساطب الشوارع، وغير ذلك، ومن مات منهم ورثه الشيخ المترجم المذكور، وأحرز لنفسه ما جمعه ذلك