المطالب، وبعد مدة دعاهما حضرة السلطان إلى حضور الختان. فدخلا حرمه السعيد، ودعوا لعلاه بالنصر والتأييد، ثم بعد مدة من تمام الختان قدما للذات العلية عريضة الاستئذان، وغب برهة من الزمن صدرت الإرادة السلطانية بعودهما إلى الوطن، فعادا إليه بكل سرور وكانت مدة غيبتهما أربعة شهور. ولما قربا من الشام وعلم الناس بحضورهما بسلام، هرع لاستقبالهما الكبير والصغير والحقير والفقير، وامتدت موائد السرور ودارت كؤوس الحبور، وعلى كل حال فهذا المترجم من الأفراد ومن السادة القادة الأجواد، وفي ثاني سنة من حضوره إلى الشام خطبته المنية لدار المقام، وذلك في رمضان سنة أربع وستين ودفن في مقبرة الشيخ ارسلان على جادة الطريق رحمه الله تعالى.
[الشيخ عبد الرحيم البرزنجي الشافعي الأشعري]
عالم عامل وإمام فاضل وهمام زاهد وناسك عابد، أخذ عن جملة من السادة وعن كثير من القادة إلى أن شهدوا له بالكمال وأجازوه بما تجوز لهم روايته عن الشيوخ الأبطال، وممن أخذ عنه من الأكابر ذوي الفضل الوافر، مولانا الشيخ خالد شيخ الحضرة الشافعي النقشبندي الدهلوي، فلازمه للاستفادة والاقتباس من أنوار معارف تلك السيادة، والانتشاق من عبهره والاجتناء من ثمره، والاقتطاف من كمائم زهره، والارتشاف من ضرب فكره، ولقد أجاد من قال فيه من بديع قوافيه:
من أناس يحيا بهم كل ربع ... نزلوه فاستنطق الأوطانا
نزلوا طيبة فطاب ثراها ... فاسألا عن ثنائها القرآنا