وتجلبوها بجلباب الامتنان، وتحلوها بسوار القبول وتقرطوها بقرط المعقول والمنقول. وتقرظوها بتقرير نظركم الاكسير، فيكون لها سير الشمس في المسير، وتصيغوا لها خلخال الجمال والبها، وتحلوا جبينها الأغر بعقود تجلت للمحاسن بها، وتوشحوها بنطاق الدلائل، وترشحوها بسلاسل السطور العنبرية والجدايل، وتكونوا أبا عذرها نصراً وفتحا وتذبون عن عرضها المصون سبة وقدحا، ذب الغيور عن الحرم، وذلك من محض الفضل والكرم، ولا تدعوا فيها للملام والمذمة غصة ونزهوها كالعروس على منصة. وقد علم القوم أنكم لا تأخذكم في الله لومة لائم، ولا ترنم طير على غصن الهوى حائم، فمنوا جنابكم كما هو عادتكم الجميلة العميمة وأحاسن محاسن أخلاقكم الكريمة، وليس عليكم في ذلك ضير " ولباس التقوى ذلك خير " ولئن منعتم ذلك لخاطر الغير وحاشا لباس تقواكم، فعندنا شاهدا عدل خطكم الشريف ولفظكم الجزل، كيف وقد قام بصدق الحديث الدليل والله يدعو إلى الحق ويهدي إلى السبيل. فكنت كما كنت سابقاً، بلسان بلبل الحق ناطقاً، وحنانيك البدار البدار، فإني قد لبست ثوب الانكسار، وتقمصت بثوب البهار، وابتهلت بظلمي للأخذ بالثار بالواحد القهار. والآن قد قمت للإهاب للسفر بعصا الترحال، والحروب سجال. والله يعز بوجودكم الدين المحمدي والإسلام، وسلام الله عليكم ورحمته ممزوجاً بمسك الختام.
[الشيخ عبد الغني بن طالب بن حمادة بن إبراهيم بن سليمان الميداني الحنفي]
بحر علم لا يدرك غوره، وفلك فضل على قطب المعارف دوره، لم يقنع بالمجاز عن الحقيقة، حتى تبوأ البحبوحة من تلك الحديقة.