الموشحات الأنيقة، والمواليا الرقيقة، وله حافظة قوية، ونغمات لطيفة ندية، ما رآه إنسان إلا وأحبه، ورام دنوه وقربه، وكان يرد عليه من الناس مال كثير، فيدفعه في الحال لمستحقيه من مسكين وفقير، وكان معتقداً عند الخاص والعام، وكراماته مشهورة مشهودة للأنام. توفي بعد ألف ومائتين وخمسة في حلب، ودفن بها رحمه الله تعالى ونفعنا به.
الشيخ مصطفى بن محمد بن إبراهيم بن محمد الطرابلسي الحلبي المولد والمنشأ الحنفي
العالم الفاضل، والمتقن الكامل، المولى السيد الشريف، البليغ الأديب اللطيف، نخبة البلغاء، وكعبة طواف الفضلاء والرؤساء. ولد بحلب في شوال سنة ست وأربعين ومائة وألف، ونشأ بكنف والده الشمس محمد نقيب الأشراف ومفتي الحنفية بحلب، أحد العلماء والفقهاء المشهورين بعصره، وقرأ عليه الكثير من الكتب وانتفع به وسمع عليه الكثير وأخذ عنه، واشتغل على غيره بالأخذ والتحصيل وقرأ عليهم، كأبي السعادات طه بن مهنا الجبريني وأبي عبد الفتاح محمد بن الحسين بن مرعي السويدي البغدادي عام دخوله حلب حاجاً سنة سبع وخمسين ومائة وألف، وأبو عبد الله محمد بن علي الجمال الحلبي تلميذ والده فبرع وفاق، وانعقد على فضله الاتفاق، وحصل له الفضل الذي لا ينكر، والاتقان الذي لا يجحد بل ينشر ويذكر، وأقبل على الأدب ومطالعة كتب اللغة والعربية واشتغل بها حتى ضبط الكثير منها وحفظ غالبها، وجمع كتاباً في اللغة لم ينسج على منواله،