وحفظ القرآن والألفية، وأكثر المتون المتداولة. وحضر دروس جده وأخي جده الشيخ يوسف الحفناوي، وحضر أشياخ الوقت كالشيخ علي العدوي والشيخ أحمد الدردير والشيخ عطية الأجهوري والشيخ عيسى البراوي وغيرهم، وتمهر وأنجب، وأخذ طريق الخلوتية عن جده ولقنه الأسماء. ولما توفي جده ألقى الدروس في محله بالأزهر، ونشأ من صغره على أحسن طريقة وعفة نفس، وتباعد عن سفاسف الأمور الدنيئة، ولازم الاشتغال بالعلم، وفتح بيت جده وعمل به ميعاد الذكر كعادته، وكان عظيم النفس مع تهذيب الأخلاق والتبسط مع الإخوان والممازحة، مع تجنبه ما يخل بالمروءة، وله بعض تعليقات وحواش وشعر مناسب، ولم يزل على حالته إلى أن توفي يوم السبت رابع شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين ومائتين وألف، وصلي عليه في الأزهر في مشهد عظيم، ودفن مع جده في تربة واحدة بمقبرة المجاورين ولم يخلف ذكوراً.
[الشيخ محمد الحصافي المصري الأزهري الشافعي الفقيه النحوي الفرضي]
فقيه عصره نبيه مصره، ونحوي زمانه وفرضي وقته وأوانه، من ارتقت في معالي الفضائل ملكته وافتخرت به أقرانه وطبقته، وعرف بالزهادة والعبادة واستوى على منصة السيادة، حضر أشياخ الطبقة الأولى، ودرس العلوم في الأزهر وبلغ به الطلبة مراداً ومأمولاً، وأجاد في الإفادة من معقول ومنقول، وكان متباعداً عن الاختلاط منعكفاً في زوايا الخمول، منعزلاً عن الدنيا كما أنها منعزلة عنه. قانعاً بما قسم الله له راضياً منه، لا يدعى إلى وليمة، ولا يفرح بمادحه ولا يلوم مليمه، ولا ينهمك على شيء من الأمور. ولم يزل على حالته حتى جاءه الأجل المسطور. توفي يوم الاثنين ثالث عشر شوال سنة اثنتين وعشرين ومائتين وألف رحمه الله تعالى.