[طاهر أفندي مفتي دمشق الشام بن عمر أفندي الخربوتلي الحنفي الدمشقي]
ولد في خربوت سنة خمس عشرة ومائتين وألف، ثم قدم مع والده إلى دمشق وتوطن بها، وحضر مجلس العلم لدى أفاضلها وأعلام علمائها، كالشيخ شاكر مقدم سعد، والشيخ عبد الرحمن الكزبري، والشيخ سعيد الحلبي وغيرهم. وكان كوالده صالحاً عابداً زاهداً متقشفاً في الدنيا مقبلاً على الآخرة، وصار من المتقدمين في الفقه في مذهب أبي حنيفة، وكان أبوه قد وجهت عليه إمامة محراب الحنفية في جامع بني أمية، فانتقلت إليه بعد موت والده. ثم وجهت عليه أمانة فتوى دمشق الشام أيام مفتيها حسين أفندي المرادي، وبعد موت حسين أفندي وجهت رتبة إفتاء الشام على ولده علي أفندي المرادي، وبعد أشهر حضر علي أفندي لدى والدي وطلب منه أن يستعفي له من الإفتاء واعتذر بأنه رأى رؤيا أزعجته كثيراً، وقال له لا أخرج من دارك حتى تخلصني من منصب الإفتاء، ولم يمكن تنزيله عن هذا الخاطر، وكان الوالي في ذلك الوقت سعيد باشا صهر السلطان محمود وكان من الصالحين، وكان المشير علي الأوردي الهمايوني الخامس أمين باشا، وكان رئيس المجلس الكبير عثمان بك وكان صاحب الحل والعقد، وكل منهم كان له مع والدي غاية المحبة وكانوا في كل أيام يحضرون عند والدي، فلما لم يمكن مضي علي أفندي في منصب الإفتاء وأصر على ذلك مع شدة الهلع، تكلم والدي في أمره فقال له عثمان بيك لا بأس بذلك، لكن بشرط أن يكون الإفتاء لك، فقال له أنا أسعفي عن غير وأقبل لنفسي لا يمكن ذلك، فقال له هذا منصب علم وأمانة، ولا نجد الآن موافقاً من كل الوجوه في هذا