[الشيخ علي بن محمد القناوي المصري الشافعي الخلوتي]
العالم الفاضل، والحبر البحر الكامل، صاحب الكشوفات والأحوال والثبات في طريق السادة الرجال، والسياحات الطويلة، والإرشادات الجليلة، نشأ في طلب العلوم، إلى أن صار يعتمد عليه في المنطوق والمفهوم، ثم أخذ الطريقة الخلوتية عن العارف بالله شيخ الشيوخ في مصر محمد بن سالم الحفناوي الآخذ لها عن إمام أهل الوجدان السيد مصطفى البكري الصديقي الآخذ لها عن كعبة ذوي العرفان السيد الشيخ عبد الغني النابلسي.
وكان المترجم المذكور يكرر التردد إلى زبيد وصنعاء اليمن وفي كل مرة يتلقونه بالإجلال والتكريم والمهابة والتعظيم، ويجتمع عليه في كل ليلة من الخاص والعام، جمعية كبرى مع معاملتهم بالأدب التام، ويدخلون معه في حلقة الذكر، مع اعتقادهم لولايته وإخلاصه في السر والجهر، ولقد اتفق له أنه وصل في بعض وفاداته إلى زبيد وأقام الذكر المذكور على الصفة المذكورة من اجتماع الناس بغاية الخضوع والانقياد والتسليم، وكان عنده من يقف في الحلقة وينشد من كلام القوم بالنغمات الرائعة، والحركات في الصوت الفائقة، بحيث يغيب الإنسان عن شعوره، ولا يفرق بين آصاله وبكوره، بل تأخذه نشأة وجدانية، وغيبة عرفانية، وكان من جملة الحاضرين، رجل من أكابر العلماء المتصوفين، المشغولين بذكر الله، المعرضين عما سواه، فلما حدا الحادي وشدا ذلك الشادي، ولم يكن ذلك الرجل من قبل قد عرف في الذكر طريقة الإنشاد، فحينما سمع ذلك وقع في الأرض يرتعد أشد الارتعاد، ولم يزل يبكي بكاء غزيراً، حتى أحدث له ذلك رعافاً مسترسلاً كثيراً، فكان ذلك سبب انعدامه، وشربه كأس حمامه. قال صاحب التاج المكلل وقد اختلف العلماء في حكم النغم والغناء على أحد عشر قولاً، ومذهب