[الشيخ علي بن أحمد المغربي اليشرطي الشاذلي الترشيحي]
شيخ الطريقة، ومعدن السلوك والحقيقة، ولد في بيزرت من أعمال تونس الغرب، سنة ألف ومائتين وإحدى عشرة. ووالده الحاج أحمد اليشرطي، قيل نسبته إلى بني يشرط قبيلة بالمغرب، قيل إنها تنسب إلى سيدنا الحسن بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قائداً كبيراً للجيش التونسي، ولم يترك ولداً غير المترجم المشار إليه، فالتفت المترجم من صغره إلى الطلب وحضور دروس العلماء والفضلاء إلى أن نال مطلوبه وملك مرغوبه. ثم أخذ الطريقة الشاذلية عن أستاذ العصر، وفرد الدهر، الأستاذ الكبير والعالم الشهير، أبي محمد بن حمزة ظافر المدني، فاشتغل بهمة قوية وسيرة مرضية، ودأب على الذكر في السر والجهر، وكان مقدماً عند الشيخ على الجماعة لما شاهده منه من كمال الانقياد والطاعة، ولم تزل مرتبته تتعالى، وخوارقه في الطريق تتوالى، إلى أن تأهل للإرشاد وارتقى مقامه وساد، وبعد وفاة شيخه وأستاذه وعمدته وملاذه، قصد مكة المكرمة للنسك، وبعد أن أتم حجه وعجه وثجه، توجه لزيارة أشرف إنسان، وأفضل مخلوق من ملك وأنس وجان، وجاور في تلك البلدة الشريفة ذات الرتبة العالية المنيفة، أربع سنوات، وكان يحج في كل عام، بعد التمام يرجع لمدينة خير الأنام، ثم قصد زيارة القدس الشريف، فلما وصل يافا في مركب شراعي تعسر عليه النزول إليها لأن النور كان شديداً غير لطيف، فطلع إلى عكا وكان قد مرض لشدة ما أصابه من الأهوال والعناء، فذهب منها إلى ترشيحا لتبديل الهواء، وكان ذلك سنة ألف ومائتين وست وستين، وأخذ أمره من ذلك العهد بالانتشار، فقصدته الناس من القرايا والأمصار، وأخذوا عنه الطريق باذلين همتهم في حفظ فلك العهد الوثيق، وف كل يوم يشتهر أمره ويزداد علوه وقدره، إلى أن انتشر الطريق في الآفاق، فلم يدخل الإنسان من