البلاد السورية إلى محل إلى ويجد مرشداً منهم قد وقف للترغيب على ساق، وفي حدود سنة ألف ومائتين وثمانين أيام ولاية رشدي باشا الشرواني رأى منهم اجتماعاً منافياً للسياسة العثمانية، فنفاه هو وبعض جماعته إلى الجزيرة القبرصية، ولم يزل بها ثلاثة أعوام إلى أن تداخل في الرجا في إحضاره الأمير عبد القادر الجزائري فاستجلبه إلى الشام، وقد أجرت الحكومة عليه شديد التنبيهات في ترك ما كانوا يفعلونه من الاجتماع وأنه من الممنوعات. ثم عاد إلى عكة ورجع، بعد أن أعطى المواثيق بأنه ترك ما كان عليه ونزع، ثم بعد أن انفصل ذاك الوالي المشار إليه رجع المترجم إلى ما كان من الظهور عليه، إلى أن وجهت الولاية على رشدي باشا وكان قد حصل من جماعته في بعض المحلات أمور مذمومة واعتقادات مشؤومة، فاستحضر الوالي المترجم تحت الحفظ إلى الشام وأراد نفيه إلى فزان، وقبض على نحو عشرين شخصاً من جماعته المعدومين من خلاصة الإخوان، فبذل الأمير عبد القادر رجاه لحضرة الوالي المرقوم أن يجعله محبوساً في داره، وأن يسمع عن نفيه رحمة لذله وانكساره، فحقق الوالي رجاه لما له عنده من الفضل والجاه، وأما جماعته فإنه نفاهم إلى فزان وأذاقهم بذلك الذل والهوان، ثم إن حضرة الأمير بعد مدة أطلقه من حبسه، وأرجعه إلى محله مشمولاً بسروره وكمال أنسه.
وحاصل الكلام في سيرة هذا المترجم المفضال فإنها اختلفت فيه أقوال الرجال، فمنهم من طعن به وزاد، ومنهم من برأه من كل ما يوجب الملام والفساد، وأن الحق يقال ما علمنا عليه سوى ما يوجب الكمال، غير أن بعضاً من جماعته قد خرجوا في الظاهرة عن دائرة الأدب، وتكلموا بما هو لكل ملام سبب، وتركوا في الظاهر كل مأمور، وارتكبوا أقبح