[الشيخ عبد الرحمن بن علي بن مرعي الشافعي الدمشقي الشهير بالطيبي]
الشيخ الإمام والحبر الهمام، شيخ الإسلام وعمدة الأنام، وبركة الشام وكعبة العلماء الأعلام، ونخبة ذوي المعارف في الأحكام، من انتهت رياسة العلوم إليه، واعتمد الكل في معرفة الصواب عليه، فهو السامي ذروة الفضل في تحقيق الفروع والأصول، والرامي بسهام معارفه شوارد المعقول والمنقول، والقاطف بأنامل أفهامه ثمرات الدقائق والراشف من مناهل العرفان زلال الرقائق. علامة الزمان وفهامة العصر والأوان، التي العابد والنقي الزاهد، الذي شهد بكمال صلاحه الخاص والعام، ومال الجميع إليه في تمييز الحلال من الحرام.
ولد في بلاد عجلون سنة أربع وثمانين ومائة ألف، وقدم دمشق بعد المائتين فشمر عن ساعد الجد والاجتهاد وسعى في طلب العلم وتحصيل المراد، ولازم علماءها الأعلام وفضلائها الكرام، وكان من أعظم شيوخه الشيخ محمد الكزبري والشيخ يوسف شمس وغيرهما، ولا زال يترقى إلى أن صار يقلب بين الناس بالشافعي الصغير. ثم إنه في آخر شعبان سنة ألف ومائتين وثلاث وستين قد حضر من أمير المؤمنين السلطان عبد المجيد خان مرسوم، بطلب المترجم هو ووالدي الشيخ حسن البيطار ذو المقام الموسوم، للدار العلية والعاصمة العثمانية، يدعوهما لحضور ختان أولاده الكرام ذوي المقام والاحترام، فلبى كل منهما الإجابة، وتوجه بعد أن ودع أحبابه، فلما أن وصلا تلقتهما أيدي التكريم، وأنزلتهما في منازل الاحترام والتعظيم. وكانا متلازمين على الدوام لا ينفكان عن الاجتماع لدى يقظة أو منام. وكان لهما القدر الأعلى والمقام الأجل الأجلى، وقد قصدهما الأفاضل من كل جانب لاغتنام ما لديهما من العلم الذي هو أسنى