الشيخ طه شرف الدين أبو أحمد المقري بن أبي بكر بن رجب بن أبي بكر بن حسن الحلبي الحنفي
الفقيه الصالح الدين التقي الورع الزاهد، العالم العامل الإمام الهمام النقي العابد، أحد القراء والحفاظ بحلب، ولد بها سنة ست وثلاثين ومائة وألف، وقرأ القرآن العظيم على والده، وأتقن حفظه على جماعة، منهم الزين عبد اللطيف المدني نزيل المدرسة الشرفية والجمال يوسف المصري وأبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المصري، وتلاه على الشمس البصري وأبي محمد عبد الكافي بن عبد الكريم الحلبي الإمام بالجامع الأموي، وقرأ الفقيه والنحو على أبي عبد الله محمد بن إبراهيم المداري، وقرأ على أبي عبد القادر محمد بن صالح بن رجب المواهبي، وحضره في كثير من الفنون، وسمع عليه غالب الكتب مع من حضر، كالدر المختار للحصكفي والدرر وشرح الجوهرة والأشموني وابن عقيل على الألفية والجامع الصغير للسيوطي وجميع صحيح الإمام البخاري والشفا للقاضي عياض وغيره، وأخذ عنه الطريقة القادرية، وبعد موته لازم ولده أبا المواهب إسماعيل المواهبي، وحضره وسمع عليه حصة من الفنون، وسمع أيضاً حصة من الجامع الصغير على أبي عبد القادر صالح بن عبد الرحمن البانقرسي، وسمع الكتاب المذكور أيضاً على أبي محمد عبد القادر بن بشر بن عبد الحق البشري، ولازم الأشياخ واحتفل بالسماع، وكان مواظباً على قراءة القرآن العظيم ويتدارس به مع القراء ولا يغفل عن التلاوة بحقها ليلاً ولا نهاراً، وكان جميل المجالسة حسن المعاشرة، لطيف الكلام، يحب المذاكرة في الأحكام، كثير المواعظ آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، معتزلاً عن الناس إلا لما يرجع عليه منه أمراً ديني من الاجتماعات المطلوبة، والمجالس المستحسنة المرغوبة. ولم يزل على نهجه المستقيم إلى أن استضافته المنية وطلبته للدرجات العالية، وذلك بعد الألف والمائتين رحمه الله تعالى.