مع الهيبة والجلال، دائم الاصطلام على ممر الأيام، لا يتقيد بلباس ولا بمعرفة قدر أحد من الناس، قد أسكره شراب المحبة، وقصره على الشخوص إلى الأحبة. وكان كثير القعود في الطريق أمام المحل الذي دفن فيه، ويطلب من المارين الدراهم فمن لم يعطه شتمه بملء فيه، ولكن من الغريب وأعجب العجيب، أن من مر عليه ولم يكن معه شيء من الدراهم لم يتعرض له بل يمر عليه وهو له باسم.
ولد بدمشق الشام ونشأ بها وهو على حالة الجذب والاصطلام، ولم يزل يقوى عليه الحال ويترقى في مدارج الجلال، ويزداد تصديق الناس لحاله ويحكمون بنواله لمرغوبه حسب آماله، إلى أن مات رضي الله عنه يوم عيد عرفة سنة سبع عشرة ومائتين وألف، وحضر جنازته الجم الغفير والعدد الكثير، ودفن في حجرته في جامع السكة جانب حمام العفيف، ويعرف الجامع الذي دفن فيه بجامع العفيف، وعليه شعرية حائلة بين القبر ومصلى الناس، وهو مقصود بالزيارة يزوره الناس ويتبركون به، ومن جملة ما رقم عند قبره الشريف رفع الله قدره المنيف:
أعط المعية حقها ... والزم له حسن الأدب
واعلم بأنك عبده ... في كل حال وهو رب
[الشيخ محمد بن سعيد سنبل الدمشقي]
العالم العامل والفاضل الكامل. ولد بدمشق وبها نشأ وأخذ عن والده المذكور، وعن الشيخ سعيد سفر وعن العلامة أحمد الجوهري وأخيه محمد الطاهر ووالدهما وعن العلامة محمد عارف بن حجار وعن العجيمي والدمنهوري، واشتهر بالعلم والصلاح والفضل. توفي عام ثمانية عشر ومائتين وألف رحمه الله تعالى.