ثم أرسله إلى أبيه أسيراً، وعند دخوله على أبيه وقع على قدميه مستجيراً، ملتمساً منه الرضى، والعفو عما قد مضى. فلما رأى حاله، صفح عنه وأذهب أوجاله، وأنزله في أحسن السرايات، وأجرى له ما يلزمه من الحوائج والنفقات، ثم أرسله بالتكريم إلى دار السعادة، فبعد وصوله أرسلته الذات الشاهانية شيخاً على حرم المدينة الشريفة ذات السيادة. ولم يزل في المدينة عدة سنين، حتى توفي بها سنة ألف ومائتين ونيف وخمسين.
الشريف عبد الله باشا بن الشريف محمد بن الشريف عبد المعين ابن الشريف عون بن الشريف عبد المعين بن الشريف عون بن الشريف محسن المكي.
بدر فضل قد ترقى على مدارج الصعود، ومشكاة أصل قد اقتبس من نورها طالع اليمن والسعود، وبحر نوال قد احتوى على أفنان الرغائب، وجد كمال قد استوى على عرش المناقب، سرى في معارج السعادة حتى وقف على الأعلى، وجرى في مناهج السيادة إلى أن كشف الجلي منها والأجلى:
طيب النبوة فيه عنه يخبرنا ... بأنه ثمر من دوح طوباها
كريم نفس من الإحسان قد جبلت ... منه الطباع وإن الفضل أعلاها
ذات من اللطف صاغ الله عنصرها ... وقد كساها حلاها حين سواها
لم يظفر الوهم يوماً في تصورها ... ولا يزور خيال الوهم مغناها
تردى برداء الفضائل فكان لها مظهراً، وتصدى لورود الأفاضل فكان لها مورداً ومصدراً، وجمع المحاسن الداعية لطواف الأحاسن حول