فعل ما أوجب توجيه المضرة إليه، فلا بد من إعدامه، ليتأدب غيره عن التكلم بمثل كلامه، فقال أمير المؤمنين نعم ولكن لا بد من مرافعتكم معه في مجلس شيخ الإسلام، لئلا يقول الناس قتل ظلماً فَنَقَعَ بين العموم في الملام، فحينما أحس شيخ الإسلام، دخل على الملك خفية عن الوكلاء العظام، ولم يزل يتعطف للسلطان، ويسترحمه بالعفو عن هذا الإنسان، ويقول له إن قتلناه قيل بالعبارات الصريحة، إن السلطان قد قتله لبذله النصيحة، ولكن نفيه أولى، ورأي أمير المؤمنين أعظم وأعلى. فأمر السلطان بنفيه في الحال، فأرسل إلى عكا من غير امهال.
[مطلب قصة محمد بهاء الله رئيس البابية]
وكان ممن نفي من بلاد العجم قبله إلى عكا محمد بهاء الله رئيس البابية. والناس قد اختلفوا فيه على أنواع، فمنهم من يقول يَدَّعي بأنه المهدي، ومنهم من يقول أنه يدعي النبوة، ومنهم من يقول يدعي الألوهية، فألف المترجم رسالة في عقيدتهم غير وافية بالمقصود، غير أني أحببت ذكرها بعد تعريبها لأنه ألفها باللغة التركية وهي: كان مبدأ ظهور البابية في تاريخ سنة ألف ومائتين وخمس وستين وهو أنه ظهر رجل في شيراز سنة خمس وعشرين ومائتين وألف، واسمه علي بن محمد بن رضا الحسيني وهو رجل تاجر، فذهب إلى مكة لمصداق الأحاديث من أن المهدي يظهر من مكة، ووقف عند مقام إبراهيم يوم الجمعة والخطيب على المنبر وصاح بأعلى صوته أنه هو المهدي وأنه قد ظهر، فأخذه رفقاءه في الحال لمنزلهم ثم ساروا به إلى شيراز، وأخذ هناك يدعو الناس إليه سراً وجهراً، ويقول لهم أنه المهدي المنتظر، فما زال يتفاقم أمره، ويعظم ذكره، وتكثر جماعته، وتزداد دعوته إلى أن سجن في السجن، وكان قبل ذلك