الأرب، فتغيظ الوالي المترجم، إلى أن وقع بداء ذات الرئة ودام بهذا المرض خمسة وعشرين يوماً، فتسامع الخبر بين الناس أن الذات الشاهانية لم تسمح بقسم الولاية فتروح الوالي المذكور وكاد أن يبرأ من مرضه، فلما كان اليوم الخامس والعشرون من مرضه دخل عليه بعض خدمته وأخبره بقرار قسم الولاية، وتوجه وال مخصوص إلى بيروت وما يتبعها فعاوده المرض بشدة قوية، ولم يمض عليه ساعات حتى زارته المنية، وذلك يوم السبت المبارك التاسع عشر من شهر رجب الحرام سنة خمس وثلاثمائة وألف، ودفن في تربة العارف الله سيدي الشيخ محيي الدين العربي الكائنة في سفح قاسيون في جامع السليمية بجانب قبر العارف بالله السيد عبد القادر الجزائري، قدس الله سره، وعمره يزيد عن سبعين سنة، رحمة الله عليه وعلينا.
[حرف النون]
[الشيخ ناصر بن عيسى بن ناصر الدين الإدلبي الشافعي]
العالم العامل الفقيه، والكامل الفاضل النبيه، ولد في إدلب الصغرى سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف، وقرأ بها على أبي الثناء محمود بن حماد ومصطفى بن سمية وأبي عبد الرحمن بن علي الجوهري المفتي، وحضر دروس أبي مدين شعيب بن إسماعيل الكيالي وأخيه الزين عمر الكيالي، ودخل حلب واستوطنها، وقرأ بها على أبي محمد عبد القادر بن عبد الكريم الديري، ومصطفى بن عبد القادر الملقي وغيرهم، ودرس بجامع بانقوسا وجامع الحدادين وجامع المشاطية، ولزمه جماعة وأتقنوا عليه، ولازم القراءة والتدريس مع التقوى إلى أن انفرد في مصره وفاق فضله لدى أهل عصره، وفي سنة ألف ومائتين وخمس اجتمع به في حلب خليل أفندي المرادي مفتي دمشق وشهد بفضله وإتقانه في العلوم والفنون ولم أقف على تاريخ وفاته.