الداعية لذلك ألزمته ظروف الأحوال للانتقال لمذهب سيدنا الإمام أبي حنيفة النعمان قدس الله تعالى سره، وبقي مدة في النيابة تارة في بعض المحاكم الشرعية الدمشقية، وتارة في بعض البلاد وخارج الشام مع عفة وصيانة وديانة، وحكم بالحق، مع التروي والوقوف على حدود الشرع، مستنداً إلى النقل والتثبت في الأحكام، ثم ترك القضاء تعففاً وجنح إلى التكسب بالفلاحة والزراعة، ومالت نفسه إلى العزلة والتباعد عن الاختلاط إلا فيما فيه أمر شرعي كزيارة صديق وعيادة مريض وتشييع جنازة وإصلاح بين خصمين وحضور مجلس علم وأمثال ذلك، وله حسن هيئة ومحبة في قلوب الناس وهيبة وجاه وقبول كلام لإخلاصه وعدم غايته في شيء، غير أن الدنيا لم يكن بينها وبينه امتزاج فكانت تعاكسه كما هو عادتها مع كل من لا يصونها عن الصرف، فإنها تألف من يضن بها حتى على نفسه وهو على خلاف ذلك، فإنه يهوى الجود والكرم وإطعام الطعام، وبذل الموجود والإكرام، مع إظهار أن المنة لغيره عليه، ولذلك عاد إلى تولي النيابات عن إحتياج، وداء الاحتياج ليس له من علاج، فهو الداعي إلى تعاطي ما لا يراد، وليس للعبد خروج فيما قضى الله وأراد، وبالجملة فهو فرد نادر، ويحق له أن يذكر بأنواع المفاخر، أحسن الله إلينا وإليه، ومن بالإحسان علينا وعليه آمين.
توفي رحمه الله تعالى غب داء أعيا الأطباء يوم الأحد صباحاً في الخامس والعشرين من ذي القعدة الحرام سنة ألف وثلاثمائة وسبع عشرة ودفن في مقبرة شيخ الحضرة في جبل قاسيون رحمه الله تعالى.
الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي حامد العدوي المالكي الأزهري الخلوتي الشهير بالدردير
العالم العلامة أوحد وقته في الفنون العقلية والنقلية، شيخ أهل