تقريباً سنة ألف ومائة وخمسين، وكان حسن المحتضرة عارفاً بالبحث والمناظرة، رقيق الحاشية ذا شهرة منتشرة فاشية، كثير الميل إلى النظر إلى الولدان ذوي الصور الحسان، مع عفة وصيانة وحماية من كل خيانة، ناهز الستين من الأعوام وهو كالشاب في الوجد والغرام، ويغلب على الظن أن العشق قتله وأورده منهله، لأنه إلى حين موته وهو يتهيم بالملاح والوجوه الصباح، ولذلك تسلط عليه السقم والمرض حتى كأنه لسهام الأسقام غرض، ومع ذلك فإنه كان لا يكره من نسبة ذلك إليه، ولا ينقبض إذا ذكر ذلك بين يديه، وكان كل من كاتبه يكاتبه بعبارة العشق والنوى، والوجد والهوى، ويذكر له الجمال وفعله والغرام وأهله، وهو يتلذذ بذلك ويجاوبهم سالكاً هذه المسالك، ومعلوم أن الموت بالعشق بشروطه شهادة وموجب للفوز والسعادة، وكان يعاتبه بعض الناس مزاحاً بقصد الهزل والمداعبة فيقول:
لحظ النجوم بمقلتيه فراعها ... ما أبصرت من حسنه فتردت
فتساقطت في خده فنظرتها ... عمداً بمقلة حاسد فاسودت
ومقصوده بذلك أن اللائمين له يكلمونه حسداً وكلامهم لا يسري عليه فيخرجون ووجوههم مسودة، كما نظر هذا الناظم النجوم لما تساقطت في خد الحبيب نظرة حاسد فاسودت، إلا أنه فرق بين السوادين، مات المترجم سنة ألف ومائتين وتسع رحمه الله تعالى.
[الشيخ محمد بن الحسن بن عبد الله الظفري الصنعاني]
عالم صنعاء وفرد العلماء ونخبة الفضلاء وعمدة النبلاء، ولد في سنة ألف ومائة وست وسبعين. قال في البرج الطالع في ترجمته: برع في العلوم الآلية، وشارك في غيرها، وله فهم جيد وإدراك قوي، وسمت حسن وعقل رصين. وكان مجتهداً يعمل بالسنة والكتاب ولا يأخذ بقول