[الشيخ محمد بن عبد الفتاح المالكي الأزهري من أهالي كفر حشاد بالمنوفية]
مدار العلوم والمعارف ومنار الآداب واللطائف، العمدة المفضل والصفوة المكمل، ذو التقوى والعبادة والرفعة والسيادة. قدم من بلده صغيراً فجاور بالأزهر المنير وحضر على أشياخ الوقت ولازم دروس الشيخ الأمير. وبه تخرج وتفقه ونال درجة علية، وقرأ على غيره من السادة لمالكية، وأنجب في المنقولات وتمهر في المعقولات، وصارت له ملكة واستحضار وشهرة كلية في الأماكن والأمصار. ثم رجع إلى بلده فأقام بها يفيد ويفتي في كل واقعة كلية أو جزية، ويرجع إليه في القضايا والدعاوى ولا يقبل جعالة ولا هدية. فاشتهر ذكره في الإقليم واعتقدوا فيه الزهد والعفاف، وأنه إذا أفتى أو قضى لا يحول عن الحق والإنصاف، لأنه لا يقبل شيئاً بحال ولا يروم سوى رضا الحق المتعال، فهرعت الناس إليه وصاروا لا يعولون في قضاياهم إلا عليه، ولا يعتمدون على سواه ولا يرومون إلا إياه، ولم يزل على هذه الحالة المرضية والمنقبة السامية العلية، حتى كان المولد المعتاد بطندتا فذهب الشيخ إلى هناك، فأتى المترجم لزيارته والسلام عليه، ونزل في الدار التي هو نازل فيها، فانهدمت جهته التي هو بها وسقطت عليه، فمات شهيداً مردوماً ومعه ثلاثة أنفار من أهالي قرية العكروت، فسبحان الحي الدائم الذي لا يموت، وذلك في أوائل شهر ذي الحجة الحرام، سنة اثنتين وعشرين ومائتين وألف رحمهم ذو الجلال والإكرام.