في الأحاديث النبوية، مشتغلاً بذلك غاية الاشتغال، حتى نال من العلم الشريف أعلى منال، مواظباً على الإفادة في جميع أوقاته، مقبلاً على الطالبين في حركاته وسكناته، تاركاً للتعصبات المذهبية، والانتصارات التعصبية، يدور مع الحديث حيث دار لا يعتريه ملل، ولا يجنح نحو راحة ولا يميل نحو كسل، فاكهته النظر في الزبر والأسفار، والمطالعة عنده أعذب من نسمات الأسحار، جعل العلم له جليساً، وفي الخلوة نديماً وأنيساً، فهو فارس ميدان العلوم، ولحائز قصب السبق إن تأخرت الفهوم، مع أخلاق شريفة، وشيم لطيفة، يسمح بها للمتعلمين، ويمنحها للمتفهمين، فهم لها عاشقون، وبها متخلقون، وعليها معولون، مع حسن نية، وسلامة طوية، وهمة علية، يحلو منه الإطناب والإيجاز، وإبداء فصيح الحقيقة والمجاز، وطاعته تسر الودود، وتسوء كل هماز حسود، حاز من الرتب الشريفة أعلاها، ومن الأوصاف السنية أغلاها وأحلاها، من رآه أحبه بمجرد النظر، فكيف إذا خالطه في الحضر والسفر، تالله لقد أقر الله به عين كل وافد، وكبت بطلعته البهية عين العدو والمعاند، وأطلع شمس معرفته على كل جاحد، فغط بكفك على الشمس أيها الحسود، ولم نفسك أيها المعاند لأنها لام الجحود، توفي رحمه الله، وأحسن مثواه، سنة ألف ومائتين وأربع وأربعين.
الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ محمد الكزبري الشافعي الدمشقي
عالم أوحد، وفاضل مفرد، من أهل بيت قد نشأوا على العلم والعمل، وبرعوا فيه حتى صار لهم عوضاً عن المال والخول، فما منهم إلا