الخصوص والعموم، وكان له قريحة جيدة، وحافظة غريبة، يملي في تقريره خلاصة ما ذكر أرباب الحواشي، مع حسن سبك، والطلبة يكتبون ذلك بين يديه. وقد جمع من تقاريره على عدة كتب كان يقرؤها حتى صارت مجلدات، وانتفع بها الطلبة انتفاعاً عاماً؛ ودرس في حياة شيخه سنين عديدة، واشتهر بالفتوح، وكان الشيخ علي الصعيدي يأمر الطلبة بحضوره وملازمته، وكان فيه انصاف زائد وتؤدة ومروءة، وتوجه إلى الحق، ولديه أسرار ومعارف وفوائد وتمائم وعلم بتنزيل الأوفاق والوفق المثيني العددي وطرائق تنزيله بالتطويق والمربعات وغير ذلك، ولما توفي الشيخ أحمد الدردير ولي مشيخة رواق الصعايدة وله مؤلفات منها مسائل كل صلاة بطلت على الإمام، وغير ذلك.
ولم يزل على حالته وإفادته وملازمته دروسه ومحافظته على الجماعة حتى توفي سنة أربع عشرة ومائتين وألف ودفن في تربة المجاورين رحمه الله.
[الشيخ أحمد بن إبراهيم الشرقاوي الشافعي الأزهري]
العلامة الفاضل، والشيخ العمدة الكامل، قرأ على والده وتفقه وأنجب، ولم يزل ملازماً لدروسه حتى توفي والده فتصدر للتدريس في محله واجتمعت عليه طلبة أبيه وغيرهم، ولازم مكانه بالأزهر طول النهار يملي ويفيد ويفتي على مذهبه ويأتي إليه الفلاحون من جيرة بلادهم بقضاياهم وخصوماتهم وأنكحتهم فيقضي بينهم ويكتب لهم الفتاوي في الدعاوي التي يحتاجون فيها إلى المرافعة عند القاضي، وربما زجر المعاند منهم وضربه وشتمه، ويستمعون لقوله ويمثلون لأحكامه، وربما أتوه بهدايا ودراهم؛ واشتهر ذكره. وكان جسيماً عظيم اللحية فصيح اللسان ولم يزل على حالته حتى اتهم في فتنة الفرنسيس المتقدمة في ترجمة أبي بكر باشا الطرابلسي، ومات مع من قتل بيد الفرنساوية بالقلعة، ولم يعلم له قبر، وكان ذلك سنة أربع عشرة ومائتين وألف رحمه الله.