[أحمد باشا الشمعة بن سليم بن علي بن عثمان بن محمد]
طلعته البدر إلا أنه مشرق، ونفحته الروض إلا أنه مورق، وهو بمكان من النباهة مكين، ما نهج من الكلام منهجاً إلا وطلع له من جيش البلاغة كمين. ولد في دمشق الشام سنة ألف ومائتين وستين تقريباً من هجرة سيد الأنام، وتربى في حجر والده وما دخل في سن التمييز إلا وقد شمر لتحصيل المعالي عن ساعده، وقرأ من الفنون وأقبل على كتب الأدب، وعلا على معارج الوصول إلى كمال الرتب، واكتسى حلة اللطافة وارتدى كل جمال وظرافة، إلى أن صار يشار إليه بالانفراد، ويعتمد عليه في كل مراد، ويستشار في المهمات، ويستنهض لدفع الملمات، ووصل في الترقيات الشاهانية إلى رتبة بكلربكي التي هي من أقرب المراتب إلى الوزارة، ثم إلى رتبة بالا، وحصل له كمال القبول لدى الولاة والمشيرين وذوي الإمارة، هذا ومع وقاره الذي به يعرف وقدره المستوي على المقام الأشرف أطال الله بقاه.
[أحمد باشا والي ومشير دمشق الشام]
الوزير الكبير، والوالي المشير، من بهر بحسن تدبيره واهتمامه، وظهر في الناس ظهور البدر ليلة تمامه، ونهج أوج مناهج التقوى والعبادة، وكان على مرور أيامه من الكمال على زيادة، مع أدب باهر، ومذهب مستقيم طاهر، ونفس زكية، وفكرة علية، دخل دمشق سنة خمس وسبعين ومائتين وألف، وكان والياً على القطعة السورية، ومشيراً على الفرقة العسكرية، فكانت له السيرة الحسنة والأوصاف المستحسنة، وأخذ الطريقة الخلوتية، عن الشيخ المهدي المغربي القاطن في الخضيرية، فسلك سلوك أهل الوصول، وتمسك من السنة بالفروع والأصول، وذلك بعد