الأنطاكي، وأبي عبد الله محمودة بن محمد الأنطاكي ولازمه كثيراً وسمع عليه الحديث وغيره وأخذ عنه وانتفع به، وأجازه هو وغيره من أهل العصر، بخطوطهم، وفاق وتنبل وحصل الفضل الذي لا يجحد، وبرع في الفقه والأصول والفروع، ولازم العلماء واستفاد، ثم درس وأقرأ وأفاد، وكتب مسائل الفتوى وراجعته الناس، وأقبلت عليه العلماء والمفتون، وعليه قرأ جماعة من ذوي الطلب، وكان كثير الفضل والديانة، والزهادة والعبادة والتقوى وحسن السلوك، وجمال اللطف والمعاشرة، توفي سنة ألف ومائتين وبضع سنين رحمه الله تعالى.
[الشيخ محمد بن عثمان بن محمد بن عثمان الحلبي الحنفي الشماع]
ولد بحلب سنة أربع ومائة وألف، وقرأ غالب الفنون على البرهان إبراهيم بن مصطفى الحلبي المداري، وأبي عبد الله جابر بن عودة الحوراني الشافعي، وأبي المحاسن بن حسين الدمشقي الحسيني المفتي، وأبي عبد الله محمد بن الحسن بن همات الدمشقي الحنفي وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم الطرابلوسي ثم الحلبي وتفقه عليه، وتخرج في المسائل الشرعية والعقلية، وقرأ على غيرهم من الأجلاء، وروى بالسند العالي عن المعمر المسند الكبير زين الدين بن عبد اللطيف الشعيفي الجلوصي كاتب الفتوى الحنفي المتوفى سنة سبع وعشرين ومائة وألف، وكتب مسائل الفتوى وراجعه المستفتون واعتمدوه واعتبره العلماء المفتون. ولم يزل محترم القدر مرفوع الرتبة مشهور الذكر، علي المقام سني الاحترام، حسن الإفادة وافر العبادة صادق الزاهدة، لا يشغله هواه عن الإقبال على مولاه، إلى أن توفي سنة ومائتين وأربع رحمه الله تعالى ونفعنا به.