للمحافظة ومنع التعدي، وكذلك باقي الدولة الإفرنجية، منها من أرسل مراكب حربية، ومنها من أرسل نواباً لإصلاح الحال وتمهيد الأمور، وغب إجراء ما لزم إجراؤه استحسنت الدولة العلية باتفاق الدول وضع نظامات جديدة لأهل هذا الجبل، وأن تتحول أحكامه لمشير من الطائفة النصرانية من غير أهالي الجبل، ليكون متصرفاً بها ويخابر رأساً الباب العالي، فتوجهت المتصرفية لداود باشا الأرمني.
ومن خيرات السلطان عبد المجيد وفتوحاته المعنوية تجديد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة فإنه كان على بناء السلطان قايت باي، وكان مسقفاً بالخشب، فطالبت مدته وحصل فيه خراب، فصدرت إرادة مولانا أمير المؤمنين السلطان عبد المجيد خان بهدمه وتجديده سنة ألف ومائتين وسبعين، فهدم وجدد وجعل سقفه قبباً وطواجن كالمسجد الحرام، وتممت عمارته بعد مضي أربع سنين، فجاء على صفة لم ير الراؤون أحسن منها، وله عمارات كثيرة في الأماكن المأثورة بالحرمين الشريفين، وله تجديد ميزات للكعبة المشرفة سنة خمس وسبعين ومائتين وألف. وتوفي السلطان عبد المجيد في سابع عشر ذي القعدة سنة ألف ومائتين وسبع وسبعين وعمره أربعون سنة ومدة سلطنته ثنتان وعشرون سنة وستة أشهر.
الشيخ عبد المجيد بن الشيخ محمد صلاح الدين بن الشيخ عبد الله الحنبلي الشهير بأبي شعر الدمشقي
شهم سما في سماء المكارم، وطلعت شمس فضائله في أفلاك الأكارم، فكان فرد ذوي الذكر والتقوى، والعبادة في السر والنجوى، والطاعة في كل أحيانه، والإقبال على الله في سره وإعلانه، كثير الطواف والسعي ببيت الحمد والشكر، دائم التوجه إلى مولاه كأن كل لياليه ليلة القدر،