[الشيخ أبو رباح السيد عبد القادر الدجاني اليافي الدردير]
عالم في علمه لا يجارى، وعامل في عمله لا يبارى، معروف بالفضل والكرم وموصوف بين الأكارم بالوصف الأتم، بيته لكل قاصد معروض وإطعام الوافدين وإكرامهم كأنه عليه مفروض، لا يرد وارداً ولا يمنع من الزائرين قاصداً، كأن أبا تمام قال بحقه هذه الأبيات العظام:
هو البحر من أي النواحي أتيته ... فلجته المعروف والجود ساحله
جواد إذا ما جئت للجود طالباً ... حباك بما تحوي عليه أنامله
ولو لم يكن في كفه غير روحه ... لجاد بها فليتق الله سائله
مع عفة وديانة وعبادة وصيانة وصيام وقيام وطاعة على كمال الانتظام؛ وإذا رأيته رأيت شهماً ذا هيبة ووقار وهيئة حسنة قد جللتها الأنوار، تهابه النفوس قبل أن تعرفه وتصفه بالكمال قبل أن تستوصفه، فلا ريب أنه في زمنه فريد مصره بل فريد أوانه وعصره، وكل من عرفه أقر له بذلك واعترف، وعلمه أنه من خلاصة ذوي المجد والنسب والشرف، وقد جاور في أول أمره في الجامع الأزهر والمحل الأعلى الأنور، وأخذ عن السادة الأفاضل ذوي الشمائل والفضائل كالشيخ الباجوري والشيخ السقا والشيخ الأشموني والشيخ الخضري والشيخ عليش وغيرهم، وقد أخذ عن الشيخ حسين الدجاني مفتي يافا وعن الجسر شيخ سجادة الطريقة الصاوية. وله كرامات عجيبة وخوارق غريبة. وكنت زرته ونزلت في داره حينما توجهت لزيارة بيت المقدس، فرأيت رجلاً رجله في الثرى وهامة همته في الثريا، ذا أوصاف علية وأخلاق نبوية، وكأن لسان حاله يخاطب من حل لديه: ليس للشيخ منة عليك بل منتك عليه، وفي يوم من الأيام بعد صلاة الفجر رأيته يريد الذهاب على خلاف عادته، فسألته عن ذلك فقال إني في