للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكثر النفوس لها ميل إلى الدنيا والراحة من تكلف مشقات العبادة، ولا تهوى أن تعمل عملاً إلا بجائزة يسهل عندها القيام بالعمل، وإن الشيخ أحمد بن إدريس كان من كبار السادة المرشدين، والقادة الداعين إلى الله والمنشدين، فأتى لهم بهذه الصيغة التي تقتضي زيادتها الأخيرة زيادة ثواب لقائلها مرة، على من يقولها طول عمره من غير هذه الزيادة.

وليس مقصوده اقتصار القائل على مرة في تحصيل مراده، بل مراده أن يقول للناس في ترغيبهم إذا كان قولها مرة لها من الثواب ذلك فما بالك بالذي يلازم عليها آناء الليل وأطراف النهار، فحينئذ يلازم الإنسان على تلاوتها والحجب تتمزق شيئاً بعد شيق حتى يقع الشهود القلبي، فإذا حصل الشهود استغنى عن الذكر بمشاهدة المذكور، فلو ذكر العبد ربه في تلك الحضرة كان غير عارف بالأدب كما أن من كان بين يدي السلطان لا يناسبه تكرار اسمه جهراً على التوالي، بل ربما نسبوه إلى الجنون وأخرجوه من حضر السلطان لقلة أدبه، وكيف يكون منه ذلك وقد فني عن شهود السوى بحصوله في مقام الشهود، وقد ارتقى بفنائه عنه إلى مقام الوجود، فأي شيء له حينئذ وجود مع الله حتى ينفيه بتوحيده؟ ومن المعلوم أن النفي فرع الثبوت، وقد شهد هذا الكامل حينئذ أن الوجود لله وحده لا شريك له، وأن ما سواه ما شم رائحة الوجود أصلاً.

[مهم]

نقل أهل الشرع أنه لو قال إنسان لا إله إلا الله ألف مرة من غير أن يكررها وإنسان آخر قالها ألف مرة بالفعل هل يكونان متساويان؟ فأجابوا بأن كلاً منهما حصل العدد غير أن الذي قال ذلك مرة واحدة حصل له هذا العدد من غير مضاعفة، والذي كررها العدد المعلوم حصل له العدد مضاعفاً، وأمر المضاعفة شيء موكول علمه إلى الله عز وجل،

<<  <   >  >>