أيا بارق الجرعا هل الجزع ممطور ... وهل بالغواني ذلك السفح معمور
وهل ذلك الروض النضير نضارة ... بعين الرضا من سكان السفح منظور
وهل كسيت فيه الغصون قطيفة ... مطرزة خضراً وأزرارها نور
أزاهير تغدو بعد حين كأنها ... دراهم في حافاتها ودنانير
فلله ذاك الروض كم عبرت به ... نسيم الصبا في طيها المسك منشور
يكبر من يأتيه حتى طيوره ... لها فيه تهليل كثير وتكبير
إذا رقصت أغصانه فحمامه ... مزامير في أرجائه وطنابير
سقاها الحيا طول المدى فهي جنة ... لأن الحسان اللاعبات بها حور
كواعب لا تفتر عن حرب عاشق ... بتدبير رأي فيه للصب تدمير
يجهزن جيش الإنكسار لحربه ... وما هو إلا لحظ عين وتفتير
وغيداء أما اللحظ منها ففاتك ... وأما أريج الثغر منها فكافور
إذا ابتسمت أو كلمت مغرماً يرى ... من الدر منظوم بفيها ومنثور
يحافظ مضناها على حبه لها ... ويا ليت مضناها على ذاك مشكور
لها في الجفا جزم على رغم أنفه ... وفي وصلها تقديم رجل وتأخير
يطول تجنيها وتفتير لحظها ... فؤادي مسجور هناك ومسحور
شكوت لها هجري وقلت لها متى ... يطيب التداني منك يسعد مهجور
فيا هذه عطفاً على ذي صبابة ... له في الهوى شأن لحسنك مشهور
أسرت منامي بعد إطلاق مدمعي ... وكم في الهوى يشكو طليق ومأسور
وأرسلت قلبي المستهام مع الصبا ... إليك فعاد القهقرى وهو مقهور
هبي أنه ضيف ألمّ بداركم ... وللضيف إكرام عليك وتوقير
على كل حال أنت عندي حبيبة ... وعذرك مقبول وذنبك مغفور
[المرحوم محمد بن أمين بن عبد الله جلبي المدني رحمه الله]
هو من رجال اللآليء الثمينة وذوي المعارف المكينة، ولقد قيل في وصفه تنبيهاً على شذرة من كماله ولطفه، أقسم بالقمر إذا اتسق وحل