الدين، وأدخلوه في فرقة الملحدين، وساءت فيه الظنون، وكثر عليه الطاعنون، وصرحوا بعد مماته بما كانوا يخفونه في حياته اتقاء لشره، وتباعداً من ضره، لأنه كان له تداخل عجيب في الأعيان، وذوي السلطان والشان، ومع ذوي الصولة، من كل دولة، ولم يزل يعلو ويسمو، ويعظم قدره وينمو، إلى أن أصابه مرض خفيف وكان له مجلس عظيم في قلعة مصر قد وضعته الدولة المصرية بها رئيساً على المتعلمين، فنزل من القلعة وافتصد وعاد، وعنده حنق على بعض المتعلمين فضربه بشدة فانحلت الرفادة وسال منه دم كثير فحم على أثر ذلك واستمر أياماً إلى أن توفي، ودفن في جامع السراج البلقيني بين السيارج، وعند ذلك زاد قول الشامتين وصرحوا بما كانوا يخفونه في حياته، فمنهم من يقول مات رئيس الملحدين، وآخر يقول انهدم ركن الزنادقة المارقين ونسبوا إليه أن عنده الذي ألفه ابن الراوندي لبعض اليهود، وسماه دافع القرآن، وأنه كان يقرأه ويعتقد به، وأخبروا بذلك رئيس الحكومة، فطلب كتبه فتصفحوها فلم يجدوا بها شيئاً من ذلك. وكانت وفاته يوم الخميس السابع والعشرين من جمادى الثانية سنة إحدى وثلاثين ومائتين وألف.
[الشيخ حسن بن أحمد بن نعمة الله الحلبي الشافعي]
الفقيه الفاضل، والعالم العامل، المقري الدين الناسك الصالح، أحد القراء المعروفين بجودة الحفظ والتلاوة والأداء الراجح. ولد في حلب سنة خمسين ومائة وألف، وقرأ القرآن العظيم وحفظه على عبد القادر المشاطي، وجمع القراءات السبع على طريق الشاطبية بالتلقين من شيخ القراء الشمس محمد بن مصطفى البصيري التلحاصدي، وأبي اليمن محمد بن طه العقاد، وأتقن وبرع وحفظ وسمع قصة من صحيح الإمام أبي عبد الله