من بعده تلك الدروس تعطلت ... يبكي لها قلبي ويبكي المنبر
قد كان فخراً للأنام ومفتياً ... يفتي بحق الله هذا الأنور
فالصبر منا قد تمزق ثوبه ... من أين للصب المعنى يصبر
غدر الزمان بنا بإبراهيمنا ... هذي على كل المصائب تكبر
[إبراهيم الداغستاني]
كان من مشاهير العلماء، وأفاضل السادة الفضلاء، نشأ على العلم والتقوى، والإخلاص في السر وفي النجوى، والعبادة والصلاح، والسير على نهج الاستقامة والنجاح، ولم تزل الأيام تمنحه مطلوبه، وتحبوه مراده ومرغوبه، إلى أن أجلسته يد العناية، واقعدته سواعد الرعاية، على مرتبة التدريس في جامع السلطان محمد الفاتح ذي المقام النفيس، فكان يبذل مجهوده في إبداء اللطائف. ونشر العلوم والمعارف، ثم تولى القضاء في حلب والشام، ثم بعد ذلك تولى قضاء البيت الحرام، ولما طعن في السن وضعف بصره لزم داره، وجعل العبادة مراده ومداره، وفي شهر محرم سنة ألف ومائتين وتسع هجرية، وجهت إليه رتبة صدارة روم ايلي التي هي أعلى رتبة علمية، وفي ثمانية عشر جمادى الآخرة سنة ألف ومائتين وعشر توفي إلى رحمة الله، أعلى الله مقامه وأولاه مناه آمين.
السيد إبراهيم بن قاسم بن محمد بن محمد بن علي الحسني الرويدي المكنى بأبي الفتح
أديب كامل، قد اشتهر بين الأفاضل بالفضائل، وحسن بين الناس ذكره، وعلا مقامه وقدره، قال الإمام الجبرتي: ولد بمصر كما أخبر هو عن نفسه سنة سبع وعشرين ومائة وألف، وكان فريداً بالأدب والجمال والكمال والظرف واللطف، حفظ القرآن المجيد، وأتقنه على أتم تجويد، ومهر بحسن الكتابة والخط، حتى كاد أن يقال لا يوجد من يساويه في مصره قط، وكتب بخطه الفائق الحسن الخالي عن المماثل، كثيراً من المصاحف