رجع من الحجاز إلى مصر من طريق مصر، ومن حين كماله وهو مشتغل بالعلوم الشرعية والالية، في داره وفي جامع السنانية، مع خضوع وكمال ولطف وجمال، وفي كل ليلة على الدوام يقرأ في كتب فقه أبي حنيفة الشهم الإمام، بين العشائين في جامع السنانية، ويحضره الجم الغفير من الناس ويعترفون له بكمال اللطف والإيناس، ولم يزل يترقى مقامه، ويسمو احترامه، إلى أن توفي سنة ألف وثلاثمائة وست وعشرين رحمه الله تعالى.
أمين أفندي بن محمد بن عبد الوهاب بن إسحق بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد الجندي المعري مفتي دمشق الشام رحمه الله تعالى
إمام أديب، وهمام أريب، وعالم فاضل، وملازم للقيام بالفضائل من بيت له تقوى وعبادة، وتقدم ورفعة وسيادة، وأصل ونسب، ووصل بأشرف حسب، وله همة قد استوت على محور العلو، ومروءة قد احتوت على مظهر السمو، وذكاء قد تعالى على ذكاء، ورأي لم ير أحسن منه راء، ومعاشرة أجمل من وضأة المحيا، وملاطفة ألذ من نشوة الحميا، وله نسبة شريفة للسيد العباس، عم السيد الأعظم سيد الناس، وقد نظم المترجم نسبه، وأوضح به أصله وحسبه، فقال:
الحمد لله القديم الأحد ... من غير والد له أو ولد
أوجد آدماً من التراب ... لحكمة تدرك بالألباب
ومنه حوا زوجه قد خلقا ... وبث منهما أناساً فرقا
وأرسل الرسل إليهم منهم ... فأفضل الناس حقيقة هم
وخير كل الأنبياء يا فتى ... والرسل من في ختمهم لقد أتى
محمد المختار أشرف الملا ... من كان خلقه عليهم أولا