وداعي المنون يدعوه ولا يدعه ويرفعه على كاهل الرحيل ولا يضعه. إلى أن توفي يوم الاثنين عاشر ذي القعدة الحرام سنة اثنتين وثلاثين ومائتين وألف من هجرة سيد الأنام، وكان له مشهد قد انتهى فيه الاجتماع والازدحام، ودفن في الصحراء بجوار مدفن الشيخ عبد الوهاب العفيفي بالقرب من عمارة السلطان قايتباي وكثر عليه الأسف ولم يكن مثله فيمن خلف.
[الشيخ محمد الشنواني الأزهري الشافعي]
حبر العلماء الأعلام وبحر الفضلاء الفخام، شيخ الإسلام وعمدة الأنام، الفقيه العلامة والنحرير الفهامة، شيخ الجامع الأزهر والمكان الأبهى الأنور، النحوي الأصولي الفقيه والمحدث المفسر النبيه، حضر الأشياخ الأوائل والسادة الأفاضل، كالشيخ فارس وكالصعيدي والدردير والقرماوي، وتفقه على الشيخ عيسى البراوي، ولازم دروسه وبه تخرج، وأقرأ الدروس وأفاد الطلبة بالجامع المعروف بالفاكهاني، مهذب النفس كثير التواضع والانكسار والبشاشة لكل أحد من الناس، ويشمر ثيابه ويخدم بنفسه ويكنس الجامع ويسرج القناديل.
ولما توفي الشيخ عبد الله الشرقاوي اختاروه للمشيخة فامتنع وهرب إلى مصر العتيقة، فأحضروه قهراً عنه وولوه المشيخة. ولم يزل ملازماً لجامع الفاكهاني كعادته وأقبلت عليه الدنيا فلم يتهن بها. واعترته الأمراض ولازمه داء الزحير أشهراً، ثم عوفي ثم لازمته الحمى وانقطع بها في داره، إلى أن توفي يوم الأربعاء رابع عشرين محرم الحرام سنة