كان إماماً كاملاً، وعالماً عاملاً، متمسكاً بدينه، متمكناً بعقيدته ويقينه، لا يخشى سطوة أمير مكابر، ولا إمام جائر، صداعاً في قوله، معتمداً على الله في قوته وحوله، لا يميل مع نفسه إلى ملائم ولا تأخذه في الله لومة لائم، وفي سنة بضع وثمانين بعد المائتين والألف حضر لدار السلطنة العلية، وعاصمة الأمة الإسلامية، في أيام خلافة أعظم ملوك الإسلام، وسيد ملوك الأنام، السلطان عبد العزيز خان، عليه الرحمة والرضوان، وكان دخول المترجم أوائل رمضان، فكان يقرأ درس الوعظ في أيا صوفيا إلى اليوم السابع والعشرين، وقد جرت العادة أن السلطان في ذلك اليوم يدور على الدروس، فمتى أتى لدرس يختم المدرس الكلام، ويدعو للسلطان، فما زال السلطان يجري العادة ومعه وكلاء الدولة العظام، وشيخ المسلمين والإسلام، إلى أن وصل لدرس المترجم، فلم يجر العادة من الختم في الحال والدعاء، بل التفت إلى الوكلاء، وخاطبهم بما لا يليق خطابهم به من كونهم أدخلوا على السلطان الغرور، وأبطلوا الشريعة وارتكبوا سفاسف الأمور، ونكسوا أعلام الدين، وقدموا المخالفين على المؤمنين، وأطال الكلام، وتجاوز الحد في هذا المقام، والسلطان صاغ إليه، فحقد الوكلاء عليه، فبعد أن ختم ذهب، وقد أضمروا له كل عطب، ثم بعد ذلك اجتمعوا وذهبوا إلى السلطان، فدخلوا عليه بعد تقديم الاستئذان وتكلموا في حق المترجم بما غير قلب أمير المؤمنين عليه، وقالوا له قد