ولد سنة إحدى وأربعين ومائة وألف، واشتغل بالأخذ والقراءة، فقرأء على أبي الثناء محمود بن شعبان البزستاني الحنفي، وأبي عبد الله محمد بن كمال الدين الكبيسي، ولازم تاج الدين محمد بن طه العقاد وبه تخرج في أكثر العلوم، وسمع منه أكثر صحيح البخاري وشيئاً من صحيح مسلم وغيرهما من كتب الحديث، وأخذ عنه القراءات من طريق الشاطبية وانتفع به، وأخذها أيضاَ عن أبي عبد اللطيف محمد بن مصطفى البصري شيخ القراء بحلب، وأبي محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المصري، وقرأ على أبي السعادات طه بن الجبريني شيئاً من أصول الحديث وشيئاً من صحيح البخاري، وحضره في دروسه الفقهيه، وقرأ المنطق وأخذه عن الشهاب أحمد بن إبراهيم الكردي الشافعي مدرس الأحمدية بحلب، وقرأ مختصر في المعاني والبيان على أبي الحسن علي بن إبراهيم العطار وألفية الأصول للسيوطي، وشرح السيراجية، وقرأ على أبي محمد عبد القادر الديري المنهاج بطرفيه، وشرح المنهج للقاضي زكريا الأنصاري وقرأ الكثير على الأجلاء وسمع منهم وأتقن وفضل ومهر ونبل، ودرس وأفاد، وأقرأ جماعة كثيرين وأخذوا عنه وما منهم إلا من انتفع به واستفاد، وكان من العلماء المشهورين والفضلاء المذكورين، وكان يحترف ويأكل من شغله، ولا يقبل من أحد إلا ما دعت الضرورة إليه، يغلب على حاله الزهد والعفاف والرضى برزق الكفاف. وكان قليل الإختلاط بغيره لا يألف إلا ما يفوز منه بخيره، كثير العبادة والتقوى شديد الإقبال على عالم السر والنجوى، دائم التفكر بالله لا يشغله عنه سواه.