وكان محبوباً بين الناس مقصوداً في فصل الخصومات، عالي الهمة، حسن العبارة والمعاملة، شريف النفس. وقد ولي بعد فصل إسماعيل أفندي الغزي نظارة جامع بني أمية فانتفع به الجامع غاية النفع، وفي زمنه غير بلاط الجامع والبسيط الذي في منارة العروس بحساب ورسم شيخنا الشيخ محمد الطنطاوي على نسق بسيطة ابن الشاطر التي كانت في موضع البسيطة الآن، وكان تبديلها لاختلالها بمرور الزمان عليها، ولم يزل المترجم ينمو قدره ويحسن ذكره، ويتزايد نفع الجامع به، إلى أن قصد البيت الحرام للنسك في شهر ذي القعدة الحرام سنة أربع وثلاثمائة وألف، من طريق البحر، فغب إتمام حجه ونزوله إلى مكة تمرض وتوفي في مكة سابع عشر ذي الحجة الحرام من السنة المذكورة، ودفن في تربة المعلى بجوار قبر الشيخ عبد الرحمن الكزبري بعد أن صلى عليه في الحرم ألوف من الناس رحمه الله تعالى.
[الحافظ أحمد أفندي مدرس السليمانية]
عالم فاضل، وهمام كامل، قد ارتقى في العلوم، وفاق من فاق من ذوي المنطوق والمفهوم، وأخذ عن الأفاضل، إلى أن صار من ذوي الفضائل والفواضل، وكان عابداً ناسكاًن وزاهداً في الدنيا ولحطامها تاركاً، مواظباً على التقوى في السر والنجوى، قد أخذ عنه أهل عصره، واقر له بالفضل علماء مصره، ومن جملة من أخذ عنه داود باشا والي بغداد. ولم يزل على حاله، مرتدياً برداء كماله إلى أن خطبته المنية سنة ألف ومائتين وتسع وعشرين رحمة الله تعالى عليه.