[الشيخ جمال الدين بن الشيخ محمد سعيد بن الشيخ قاسم المعروف بالحلاق]
نبيل عذبت نفسه صفاء ووفاء، ونبيه ملئت شيمته سخاء واحتفاء، تفتحت كمائم رويته عن زهر المعاني، وتوشحت حدائق معارفه بحرز الأماني، مع أدب زرت على الكمال جيوبه، ولطف هبت بعرف الجمال صباه وجنوبه، ونظم قد انتثرت من فرائده عقود الدرر، ونثر قد انتظمت من فوائده الغرر، وقد لبس حلة الحياء فهي دثاره، وجلس على مرقاة الارتقاء التي هي شعاره، فلم تبرح روضة نباهته الزاهية يانعة الأزهار، وغيضة بلاغته الباهية منبت ثمرات الأفكار، وإنه منذ تنسك تمسك بأذيال السنة والكتاب، وعمل بآداب السنة المطهرة وسنة الآداب، فمذهبه مذهب السلف الصالح، ومسلكه مسلك الفريق الراجح. ولد في ثامن شهر جمادى الأولى سنة ألف ومائتين وثلاث وثمانين، من هجرة السيد الأمين. ثم بعد التمييز قرأ القرآن وجوده، وحضر دروس العلوم بهمة جيدة، ولم يزل مجافياً في طلبه اللذة وطيب الرقاد، إلى أن بلغ المقصود والمراد، فأجاز له الكثير من الأفاضل، وشهدوا له في خطوطهم بالفواضل والفضائل، فلعمري إنه ليكشف بذهنه الغامض الذي أحاط به الخفا، ويعرف رسم المشكل وإن كان قد عفا، ويبصر الخفيات بباصر فهمه، ويقصر حلها على إدراكه وعلمه. ومن نظمه قوله:
جزى الله عنا الكتب خيراً فإنها ... تنم أحاديث الحبيب بلفظه